للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنَّ الإنسانَ يَنبَغي له أن يَبتَعِدَ، بل يَجِبُ عليه أن يَبتَعِدَ عن قُرناءِ السُّوءِ؛ لقولِهِ: {اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ}، وقد حَذَّرَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِن جَليسِ السُّوءِ فقال: "المَرءُ على دينِ خَليلِه فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُم مَنْ يُخالِلْ" (١) أي: على دينِ صَديقِه ومُحِبِّه فَلْيَنْظُرْ أحدُكم مَن يُخالِلُ، وقال عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "مَثَلُ الجَليسِ السُّوءِ كنافِخِ الكيرِ، إمَّا أن يَحرِقَ ثيابَك وإمَّا أن تَجِدَ منه رائِحةً خَبيثَةً" (٢)، فاحذَرْ قَرينَ السُّوءِ لا تَجتمِعْ به، لا تُصادِقْه، لا تَستأمِنْه على أيِّ شيءٍ.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: تَبَرُّؤ التَّابعينَ مِن المَتبوعينَ يومَ القيامَةِ، وَيشهَدُ على ذلك قولُهُ: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ} [البقرة: ١٦٦]، فالمَتبوعون في آيَةِ البقرَةِ يَتبرَّؤونَ مِنَ التَّابعينَ، كما أنَّ التَّابعينَ أيضًا يَتبرَّؤون مِنَ المَتبوعينَ.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنَّ الإضلالَ يَكونُ مِنَ الجِنِّ والإنسِ؛ لقولِه: {أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} فمُصاحبَةُ الإنسيِّ للإنسيِّ واضحَةٌ، مُصاحبَةُ الجِنِّيِّ للإنسيِّ أيضًا مُستفادَةٌ من قولِه تعالى: {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} [فصلت: ٢٥].

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: شِدَّةُ حَنْقِ هؤلاءِ الضَّالينَ على المُضلِّينَ؛ لقولِه: {نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ}.

* * *


(١) أخرجه الإمام أحمد (٢/ ٣٠٣)، وأبو داود: كتاب الأدب، باب من يؤمر أن يجالس، رقم (٤٨٣٣)، والترمذي: كتاب الزهد، رقم (٢٣٧٨) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) أخرجه البخاري: كتاب الذبائح والصيد، باب المسك، رقم (٥٥٣٤)، ومسلم: كتاب البر والصلة، باب استحباب مجالسة الصالحين، رقم (٢٦٢٨)، من حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>