[الآية (٤٣)]
* قَالَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: {مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ} [فصلت: ٤٣].
* * *
يَقولُ المفسِّرُ - رَحِمَهُ اللهُ -: [{مَا يُقَالُ لَكَ} مِن التَّكذيبِ] يَعني: وَالاستهزاءُ والسُّخريةُ وغَيرُ ذلك: {إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ} ومِنه قَولهُم: إنَّه ساحرٌ ومَجنونٌ، كَما قال تَعالَى: {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} [الذاريات: ٥٢]، هَذهِ الكَلمةُ يَقولهُا كُلُّ أحدٍ لِلرَّسولِ، ويَحتملُ أَنْ يَكونَ المعْنَى: مَا يُقالُ لَك مِنَ الوَحيِ إلَّا ما قد قيلَ للرُّسُلِ مِنْ قَبْلكَ، أي مِثلَه، والآيةُ تَحتَملُهما ولا مانعَ من إِرادتِهما.
يَقولُ المفسِّرُ - رَحِمَهُ اللهُ -: [{مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا} مثل: {مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ}] زاد المفسِّر [مثل]، ومَعلومٌ أنَّ قولَه: {إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ} لا يُساويه قَولُه: إلَّا مثلَ، وإنَّما لجَأَ المفسِّر إِلى ذلك؛ لأنَّ الَّذي قيلَ للرَّسولِ - صلى الله عليه وسلم - لَيس هو بحُروفِه مَا قيلَ لمَنْ قَبلَه، ولكنَّ الأَوْلى أنْ يُقالَ: الآيةُ على ظاهِرِها أنَّ مَا قيلَ للرَّسولِ قَد قيلَ لِمَنْ قَبلَه، وكَما ذَكَرْتُ لكم آنِفًا: {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} [الذاريات: ٥٢]، فيُقالُ: إِنَّهم قَالوا نَفسَ الكلامِ لَكن بِلُغَتِهم ليس بِلُغَةِ العربِ.
قَولُه تَعالَى: {إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ} فيه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute