للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكريمِ بدَلًا عن الكَلام" (١)، وجاءَ بقِصَّة امْرأةٍ تُخاطِب أولادَها بالقُرآن، إذا قالَت: تَغدُّوا، قالَت: {آتِنَا غَدَاءَنَا} ولو أمَرْتَهم يَشتَرون حاجَة منَ السُّوق قالَت: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ} [الكهف: ١٩] , وما أشْبه ذلك.

ثُمَّ قالَ في آخر القِصَّة: هذه امْرَأة لها كذا من السِّنين تَتكلَّم بالقرآن مخَافَة أنْ تَزِلَّ، فيغضَب عليها الرَّحمَن. والواقِع أنَّها زَلَّت تمَامًا، فقد جعَلَت تُنزِّل آيات القرآن الكريمِ على أغراضِها الخاصَّة، وهذا لا يَجوز.

أمَّا الاسْتِشهاد بالقُرآن مِثلَ أنْ تَرى رَجُلًا مَفْتُونًا بالدُّنيا، تَقُول: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} [الكهف: ٤٦] هَذا لا بأْس به، وقَد جاء في الحديثِ أنَّ الرَّسُول عليهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لمَّا رَأى الحسنَ والحُسَينَ وهُما يَعثُران بثَوبٍ جديدٍ نَزَل وأخذَهُما وقالَ: صدَق اللهُ: " {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن: ١٥] " (٢).

مِن فَوائدِ الآيتَين الكَرِيمَتيْن:

الْفَائِدَة الأُولَى: أنَّ نُزول القرآنِ من عندِ اللهِ؛ لِقولِه: {تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنَّ إنزالَ القُرآنِ من آثارِ رحمةِ الله؛ حيثُ قالَ: {مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}.


(١) جواهر الأدب في أدبيات وإنشاء لغة العرب لأحمد الهاشمي (١/ ٤٠٤).
(٢) أخرجه الإمام أحمد (٥/ ٣٥٤)، وأبو داود: كتاب الصلاة، باب الإمام يقطع الخطبة للأمر يحدث، رقم (١١٠٩)، والترمذي: كتاب المناقب، باب مناقب الحسن والحسين - رضي الله عنهما -، رقم (٣٧٧٤)، والنسائي: كتاب صلاة العيدين، باب نزول الإمام عن المنبر قبل فراغه من الخطبة، رقم (١٥٨٥)، وابن ماجه: كتاب اللباس، باب لبس الأحمر للرجال، رقم (٣٦٠٠)، من حديث بريدة - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>