للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كشُكرانٍ وغُفرانٍ وما أشبهَ ذلكَ. فهلْ هو بمعنى قارئٍ أو بمعنى مَقروءٍ؟ قِيلَ: إنَّه بمعنى مَقروءٍ، ومَقروءٌ هلْ هو منَ الجَمْع أو منَ التِّلاوَةِ؟ قِيلَ: إنَّه مِنْ قَرى يَقري بمعنى جمَع، ومنه اسمُ القريةِ؛ لأنَّها جامعةٌ للناسِ، وقِيل: مِن قرَأ بمعنى تَلا.

والصَّوابُ: أنه جائزٌ أنْ يَكونَ مِنْ هذا ومن هذا؛ لأنه ما دامَ اللَّفظُ صالحًا للمعنيِّينَ ولا مُنافاةَ بينَهما، فإنَّه يُحمَلُ عليهما جَميعًا؛ وهذا إذا قُلنا: إنَّ {قُرْآنًا} بمعنَى مَقرُوءٍ.

ويَجوزُ أنْ تكونَ بمعنى اسمِ الفاعِلِ "قارِئ"؛ فَقُرآنُ بمَعنى قارِئ؛ أي: جامِعٌ، جامِع للأحكام والتَّوْحيد وغير ذلك.

أمَّا "عرَبِيًّا" فهو نِسبة للعَرَب؛ لأنَّه جاءَ بلُغَتِهم.

وقولُه تعالى: [{لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} يَفهَمون ذلك، وهم العرَب]، يعنِي: أنَّ الله جعلَه قرآنا عرَبيًّا لقَوْم يعلَمونَه ويفهَمُونه، ولا حُجَّة لهم في مُعارَضَته والكُفرِ به، لأنَّهم يَعلَمُونه، كما قالَ تعالى في آية أُخْرى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الزخرف: ٣]؛ أي: تَفهَمون معناه، حيثُ جاء بلِسان العَرَب.

فائِدة: ورَدت في القرآنِ آيات تَجرِي على سبيل المَثَل، مِثل: {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران: ١٤٠] فهل صحيحٌ أنَّه وردَ النَّهي عن استِعمالها في غير مَكانها؟

الجَواب: للاستِشهاد بها لا بأسَ به؛ أمَّا أنْ تَجعَل القرآنَ بدلًا عن الكلامِ فهذا حرام.

وقد ذَكَر صاحبُ (جواهِرِ الأدَب) قِصَّة عَنوَنها بقولِه: "المُتكلِّمةُ بالقرآنِ

<<  <   >  >>