للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العُتْبى وتابوا إلى اللهِ لحَصَلَ لهم ذلك، لكن في الآخِرَةِ قد فات الأَوانُ، وقولُهُ: {فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} أي: مأوى، وكُلُّ إنسانٍ مأواه النَّارُ فلا حَظَّ له في الجَنَّةِ.

مسألة: إِخبارُ الله عَزَّ وَجَلَّ عن نفسِه في القُرآنِ بصيغَةِ الغائِبِ يَقولُ: قال اللهُ قال اللهُ .. ، أليسَ الأَفْضَلُ في اللُّغةِ الِإخْبارَ بصيغَةِ المُخاطَبِ؟

الجَوابُ: لا هذا له أَحْوالٌ، لكن يَقولُ العُلَماءُ إِنَّ المُتكلِّمَ إذا عَبَّر عن نفسِه بصيغَةِ الغائِبِ، فهذا دَليلٌ على العَظَمَةِ والتَّعظيمِ، ففَرْقٌ بَينَ أن يَقولَ المَلِكُ مَلِكُ الدُّنيا: إنَّ المَلِكَ يَأمُرُكم أن تَفعَلوا كذا، أو يَقولَ: إنِّي آمُرُكم، الأوَّلُ أَعْظَمُ في التَّفخيمِ، وهذا من قَواعِدِ البَلاغَةِ تَعبيرُ المُخاطِبِ عن نفسِه بصيغَةِ الغائِبِ يدُلُّ على التَّعظيمِ لا سِيَّما إذا كان بوَصْفٍ يَقتَضي ذلك.

من فوائدِ الآياتِ الكريمَةِ:

الْفَائِدَة الأُولَى: إِثباتُ حَقيقَةِ النَّارِ؛ لقولِهِ: {وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ}.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: إِثباتُ أعداءٍ لله كما أنَّ له أَولياءَ، وعَدُوُّ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مَن كان كافِرًا فاجِرًا.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أنَّ أهلَ النَّارِ والعياذُ باللهِ يُساقونَ إلى النَّارِ أَوْزاعًا؛ أي مُتَفَرِّقينَ أُممًا؛ لقولِهِ: {فَهُمْ يُوزَعُونَ}.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: إِثباتُ حَقيقَةِ النَّارِ وأنَّ هؤلاءِ يَصِلونَ إليها حَقيقَةً؛ لقولِهِ: {حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا}.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: دُخولُ التَّوكيدِ في كَلامِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ لقولِه: {حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا} لأَنَّنا قلنا: (ما) زائدَةٌ لكنَّها للتَّوكيدِ، فإن قال قائِلٌ: كَلامُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مُؤكَّدٌ بدونِ أداةِ

<<  <   >  >>