تَوكيدٍ، فما الفائدَةُ مِن أنَّ اللهَ تعالَى يأتي كَثيرًا في كلامِه بأدواتِ التَّوكيدِ؟
فالجَوابُ: القُرآنُ لا شكَّ أنَّه مؤكَّدٌ، وأنَّ أخبارَه لا تحتاجُ إلى توكيدٍ، لكنَّ القُرآنَ نَزَلَ بلسانٍ عَربيٍّ مُبينٍ واللِّسانُ العَربيُّ يَقتضي أن يَكونَ الكَلامُ الهامُّ مُؤكَّدًا بأنواعٍ مِنَ التَّأكيداتِ؛ إذن تَأكيدُ ما يُؤَكَّدُ في القُرآنِ دَليلٌ على بُلوغِ القُرآنِ الفَصاحَةُ في أَعلى مَعانيها؛ لأنَّه مُتَمشٍّ على قواعِدَ اللُّغةِ العَربيَّةِ الفُصحى.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: إِثباتُ النُّطقِ للسَّمعِ والبَصَرِ والجُلودِ؛ لقولِهِ:{شَهِدَ عَلَيْهِمْ} والشَّهادَةُ تَكونُ بالنُّطقِ، وقد تَكونُ بغَيْرِ النُّطقِ، ولكنَّها في الأَصْلِ بالنُّطقِ، ولذلك قالوا لجُلودِهِمْ {لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ}.
الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أنَّ أعضاءَ الْإِنسانِ تَكونُ يومَ القيامَةِ خُصومًا لَهُ، وَجهُ ذلك أنَّ هؤلاءِ أَنكَروا على سَمْعِهم وأَبصارِهم وجُلودِهم أن شَهِدوا عليهم.
وما ظنُّك بأعضاءٍ تَكونُ يومَ القيامَةِ خُصومًا لك؛ فيَتَفَرَّعُ على هذه الفائدَةِ أنَّ الواجِبَ على الإنسانِ أنْ يَرعى هذه الأعضاءَ حَقَّ رِعايتِها، وأَلَّا يُورِّطَها فيما تَكونُ خَصمًا له به يَومَ القيامَةِ.
الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ: أنَّ ابتِداءَ الخَلْقِ مِنَ اللهِ لم يُشْرِكْ أحدٌ رَبَّ العالمَينَ في الخَلْقِ لا أُمٌّ ولا أَبٌ ولا سُلطانٌ ولا رَئيسٌ ولا وَزيرٌ، المُنْفَرِدُ بالخَلْقِ هو اللهُ عَزَّ وَجَلَّ.