للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَعالى بالمَبْدَأِ على المَعادِ، فَإنَّ هذا دَليلٌ عَقليٌّ.

فإن قال قائلٌ: وهل تُقدَّمُ الأدِلَّةُ العَقليَّةُ على الأدِلَّةِ السَّمعيَّةِ؟

فالجَوابُ: لا؛ لأنَّ العَقلَ قد يُخطِئ، فيَظنُّ الإنسانُ أنَّ هذا عَقلٌ وليس بعَقْلٍ، وأمَّا الأدِلَّةُ السَّمعيَّةُ الثَّابتَةُ عن اللهِ ورَسولِه فهذه لا تُخطِئُ، ولهذا أَخْطَأَ مَن استَعْمَلَ العَقلَ، بل قَدَّمَه على السَّمعِ والنَّقلِ فيما يَتَعلَّقُ باللهِ واليَوْمِ الآخِرِ، وحَكَموا بعُقولِهم القاصِرَةِ على أُمورِ الغَيبِ استحالةً أو وجوبًا أو جوازًا، وأَعْرَضوا عن نُصوصِ الكِتابِ والسُّنَّةِ، ومن هؤلاء جَميعُ المُتكلِّمينَ مِنَ الأشاعِرَةِ والمُعتزِلَةِ والجهمِيَّةِ وغيرِهم؛ حيثُ جَعَلوا التَّلَقِّي فيما يَتَعلَّقُ بأسماءِ اللهِ وصِفاتِه على الاعتِمادِ على العَقْلِ.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: إثباتُ الرُّجوعِ إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فاستَعِدَّ لهذا الرُّجوعِ واعْلَمْ أنَّك مُلاقٍ ربَّك، ولكن أَبْشِرْ إن كنتَ مُؤمنًا، قال اللهُ تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [البقرة: ٢٢٣] يعني لا يَخافُ المُؤمنُ من هذه المُلاقاةِ، بل له البِشارَةُ في الدُّنيا قَبْلَ الآخِرَةِ، لكنَّ حَقيقَةَ هذه البِشارَةِ لِلْمُؤمنِ خَاصَّةٌ.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: أنَّ هؤلاءِ المُجرِمينَ لا يُؤمنونَ بالبَعثِ؛ لقولِهِ: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ}.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: تمَامُ قُدرَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وأنَّه قادرٌ على إنطاقِ كُلِّ شيءٍ حيثُ أَنطَقَ السَّمعَ والأبصارَ والجُلودَ.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةَ عَشْرَةَ: أنَّ هؤلاءِ المُجرِمينَ يَظنُّون أنَّ الله لا يَعلَمُ كَثيرًا مِمَّا يَعمَلونَ، وهو الَّذي يُخفونَه، فلهذا كانوا يُخفونَ عن اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ما يَقَعونَ فيه مِنَ الكُفْرِ.

<<  <   >  >>