للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: أنَّ مثلَ هذا الظَّنِّ سببٌ لهَلاكِ المَرْءِ -أن يَظُنَّ أنَّه لن يُبْعَثَ- بل هو هَلاكُه حَقيقَةً؛ لأنَّ الَّذي يُنكِرُ البَعثَ كافِرٌ، والكافِرُ لا حظَّ له لا في الدُّنيا ولا في الآخِرَةِ لقولِ اللهِ تعالى: {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الزُّمَر: ١٥].

الْفَائِدَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ: أنَّ هؤلاءِ المُجرِمينَ يظُنُّونَ أنَّهم رَبِحوا المَعرَكَةَ بِاستِخفائِهم، وهذا يَنْطَبِقُ تمامًا على المُنافِقينَ، ولكنَّ حَقيقَةَ الأَمْرِ أنَّهم خَسِروا؛ لقولِه تعالى: {فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.

الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ: أنَّ أهلَ النَّارِ لن يَخرُجوا منها سَواءٌ صَبَروا أم لم يَصْبِروا؛ لقولِه: {فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} وُيبَيِّنُه قولُه تعالى: {اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الطور: ١٦] وقولُه تعالى: {سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ} [إبراهيم: ٢١].

الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ: الإشارَةُ إلى أنَّ النَّار لا تَفنى؛ لقولِهِ: {فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} وهذا -أعني أنَّ النَّار لا تَفنى- هو قَولُ أهلِ السُّنَّةِ والجَماعَةِ كما أنَّ الجَنّةَ أيضًا لا تفنى.

وقد زَعَمَ بعضُ العُلماءِ أنَّ النَّارَ تفنى في آخِرِ النِّهايَةِ، لكنَّ هذا الزَّعْمَ باطلٌ، يعني لا يَستَحِقُّ مَنزلَةً أن نَقولَ: إِنَّه ضعيفٌ، بل نَقوُل إنَّه باطلٌ لا يَنْبَغي أن تُسوَّدَ به الصَّحائفُ، وذلك لأنَّ كَلامَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّذي خَلَقَ النَّارَ، وهو عالمٌ بها وبمَصيرِها فيه التَّصريحُ بالتَّأبيدِ في ثَلاثَةِ مَواضِعَ من كتابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ:

المَوضِعُ الأَوَّلُ في سورَةِ النِّساءِ قوُله تعالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا} [النساء: ١٣٧].

<<  <   >  >>