للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَهي سَبعيَّةٌ أي: مِنَ القِراءاتِ السَّبعِ، وإِذا قال: "وقُرِئَ" فَهي مِن القِراءاتِ الشّاذَّةِ.

إذن: (ناء) و (نأي) مَعناهُما واحدٌ كَأَيِسَ ويَئِسَ بِتَقديمِ الهَمزةِ وتَأخيرِها ومَعناهُما واحدٌ، أَيِسَ من كذا وَيئِسَ من كذا، وناءَ بِكذا أو نَأَيَ بكذا مَعناهُما واحدٌ، والمقصودُ أَنَّه كما قال المفسِّر: ثَنَي عِطفَه وانصرفَ مُتبختِرًا ومُتعاظِمًا.

قالَ الله تَعالَى: {وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ} أَقبَلَ: {فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ}، يَقولُ المُفسِّرُ رَحِمَهُ اللهُ: [كثير]. أي: إذا مَسَّه الشَّرُّ لجَأَ إلي اللهِ وأَطالَ الدُّعاءَ وأَكثرَ مِنهُ، وانظُروا ما حَكَي اللهُ تَعالَي عَنِ المُشركينَ إِذا كانوا في البَحرِ وهاجَ البحرُ: {دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [يونس: ٢٢]، ولكنَّهم يَعِدونَ وَيكذِبونَ إِذا أَنجاهم اللهُ عادوا إلي كُفرِهم والعياذُ بِاللهِ.

من فَوائِدِ الآيةِ الكَريمَةِ:

الْفَائِدَة الأُولَى: أَنَّ الإِنسانَ مِن حيثُ هو إنسانٌ بَطَرٌ عندَ النَّعماءِ لكنَّه مُقبِلٌ عند الضَّرَّاءِ لِقولِه: {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ}.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنَّ ما يَتمتَّعُ به الإِنسانُ مِنَ النَّعيمِ، فإنَّما هو مِن عندِ اللهِ لقَولِه: {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ}.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: التَّحذيرُ مِن هذه الحالِ، فإذا رَأي الإِنسانُ مِن نَفسِه أَنَّه عند النِّعمَةِ يَفرحُ ويَبطُرُ ويَتهاوَنُ بِما أَوجبَ اللهُ عَليه، فَليَعلَمْ أَنَّه داخلٌ في هذا الإنسانِ المَذمومِ.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنَّ الإنسانَ يَعرفُ مِن نَفسِه الضَّعفَ إِذا أَصابَه الضَّررُ وَيلجأُ إلي اللهِ حتَّى الكافرُ يَعرفُ مِن نَفسِه الضَّعفَ، ويَلجأُ إلي اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.

<<  <   >  >>