للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٤٥)]

* قَالَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ} [فصلت: ٤٥].

* * *

{آتَيْنَا} أَعْطَيْنَا، والإِيتاءُ هُنا إِيتاءٌ شَرعيٌّ قَدَريٌّ، إِيتاءٌ شَرعيٌّ؛ لِأنَّه أُضيفَ إِلَى الوَحْيِ، وقَدَرِيٌّ؛ لِأنَّه وَقَعَ فِعلًا.

وَموسى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - هو أَفضلُ أَنْبِياءِ بَني إِسرائيلَ، وهو بالنِّسبةِ لِأُولي العَزم بِالمَرتبةِ الثَّالثةِ؛ لِأنَّ أُولي العَزمِ خَمسةٌ، أَفضلُهم مُحمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ إِبراهيمُ ثُمَّ موسى، وَهو - أَيْ مُوسَى - أَكثرُ الأنبياءِ أَتْباعًا بَعْدَ الرَّسولِ - صلى الله عليه وسلم - لِحَديثِ: "أَنَّه - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - رَأى سَوادًا عَظيمًا قَدْ سَدَّ الأُفقَ فَقيلَ: هَذا موسى وقَومُه" (١).

يَقولُ المفسِّرُ - رَحِمَهُ اللهُ -: [{الْكِتَابَ} التَّوراةِ] وسُمِّيتْ كتابًا لأنَّها مَكتوبَةٌ، قَالَ اللهُ تَعالى: {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [الأعراف: ١٤٥] فَهي نَزَلت مَكتوبةً.

يَقولُ المفسِّرُ - رَحِمَهُ اللهُ -: [{فَاخْتُلِفَ فِيهِ} بِالتَّصديقِ والتَّكذيبِ كَالقُرآنِ]، اخْتَلفَ فيه أَقوامُه، قَومُ موسى اخْتَلفوا، فَمِنهم مَنْ صَدَّقَ، ومِنهم مَن كَذَّب، لكنَّ قَومَ موسَى مَشهورونَ بِالعُتُوِّ والطُّغيانِ والِاستِكبارِ العَظيمِ وَالجهلِ العَميقِ، لَمَّا


(١) أخرجه البخاري: كتاب الطب، باب من اكتوى أو كوى غيره، رقم (٥٧٠٥)، ومسلم: كتاب الصيام، باب صوم يوم عاشوراء، رقم (١١٣٠)، من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.

<<  <   >  >>