للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٨)]

* * *

* قالَ اللهُ عَزَّ وجلَّ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} [فصلت: ٨].

* * *

لَمَّا ذَكَرَ عُقُوبَة المُشْرِكين بَيَّن ثَوابَ المُؤمِنين؛ لأنَّ اللهَ تَعالى أنْزَل هَذا الكِتابَ مَثانيَ، وإنَّما كان الأمْرُ كذَلِك؛ لِيَكونَ الإنْسانُ سائِرًا إلَى ربِّه بين الخوفِ والرَّجاءِ، فإنَّه إذا سمِعَ عُقوبَةَ المُكذِّبين خاف، وإذا سمِعَ ثوابَ المُؤمنين رجَعَ، وهكذا يَنْبَغي للإنْسانِ أنْ يَكونَ سائِرًا إلَى الله عَزَّ وجلَّ بيْن الخَوفِ والرَّجاءِ، كما قال تَعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا} [الأنبياء: ٩٠].

ولكِن في بعضِ الأحيانِ، قد يَكونُ مِن المَصلَحةِ تغْليبُ الرَّجاءِ، أو مِن المصلَحةِ تغلِيبُ الخوْفِ، فإذا اشتَدَّتْ رَغْبةُ الإنْسانِ في المَعْصيةِ فلْيُغلِّبْ جانِبَ الخوفِ حتَّى يرتَدِعَ عنها، وإذا فعَل الإنسانُ عِبادةً فلْيغلِّبْ جانِبَ الرَّجاءِ، وهو قَبُولُ اللهِ تبارَكَ وَتَعَالَى إياها، وكذَلِك أيضًا يَنْبَغي له في حالِ المَرَضِ أنْ يَرجِعَ إلى اللهِ سُبحَانَهُ وَتَعَالى وأنْ يُحسِنَ الظَّنَّ به، كما جاء في الحَديثِ: "لا يمُوتنَّ أحدُكم إلَّا وهُو يُحسِنُ الظَّنَّ بربِّه تَبارَكَ وَتَعَالَى" (١).


(١) أخرجه مسلم: كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب الأمر بحسن الظن بالله تعالى عند الموت، رقم (٢٨٧٧)، من حديث جابر - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>