للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٤٠)]

* قالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [فصلت: ٤٠].

ثُمَّ قال جَلَّ وَعَلَا: {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا} يَقُولُ المُفسِّرُ رَحِمَهُ اللهُ: [مِن ألْحَدَ ولَحَدَ] مِن أَلحَدَ تَكونُ يُلحِدون، ولَحَدَ يَلحَدون، وأصلُ اللَّحدِ أو الإلحادِ هو المَيلُ ومنه سُمِّيَ اللَّحدُ لحدًا؛ لمَيلِه إلى جانبِ القبرِ. إذن فهذه المادَّةُ (لامٌ حاءٌ دالٌ) مأخوذَةٌ مِنَ المَيلِ، فمَعنى: {يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا} أي: يَميلون فيها، وآياتُنا جَمعُ آيةٍ، وآياتُ اللهِ تَعالى تَنقَسِمُ إلى قِسمَينِ: آياتٍ شرعيَّةٍ وهي الوَحيُ المُنزَّلُ على الأنبياءِ والرُّسلِ، وآياتٍ قَدرِّيةٍ وهي المَخلوقاتُ، كُلُّ المَخلوقاتِ آياتٌ قَدريَّةٌ تَدُلُّ على خالِقِها وبارِئِها، وفي ذلك يَقولُ الشَّاعرُ الصَّادِقُ في قَولِه (١):

فواعَجبًا كيف يُعصى الإلَهُ ... أم كيف يَجحَدُه الجاحِدُ

وفي كُلِّ شيءٍ له آيَةٌ ... تَدُلُّ على أنَّه واحدُ

كُلُّ المَخلوقاتِ آيةٌ من آياتِ اللهِ، والإِلحادُ في الآياتِ الكَونيَّةِ يَكونُ بواحدٍ مِن أُمورٍ ثلاثَةٍ؛ إمَّا بإِضافتِها إلى غَيرِ اللهِ، وإمَّا باعتِقادِ مُشارِكٍ للهِ فيها، وإمَّا باعتِقادِ مُعينٍ للهِ فيها.


(١) من شعر أبي العتاهية، انظر: ديوانه (ص: ١٢٢)، ومعاهد التنصيص (٢/ ٢٨٦).

<<  <   >  >>