للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بلا فائدَةٍ مُؤدٍّ إلى الشَّكِّ والتَّردُّدِ بلا فائدَةٍ، ولهذا قال بعضُهم: أكثرُ النَّاسِ شكًّا عندَ الموتِ أهلُ الكَلامِ نَعوذُ باللهِ، لماذا؟ لأنَّهم لم يَبنوا عَقيدَتَهم على الكِتابِ والسُّنَّةِ بَنَوْها على وَهْمِيَّاتٍ ظَنُّوها عقليَّاتٍ، فضلُّوا وأَضَلُّوا، نحنُ نَقولُ كما قال رَبُّنا - عَزَّ وَجَلَّ -: {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: ١٤٨] فقط ويَكفي.

أمَّا العِلمُ فهو أَوسَعُ مِنَ القُدرةِ؛ لأنَّ العِلمَ يَتعلَّقُ بالواجبِ والمُستحيلِ والمُمكِنِ، يَعني: عِلمُ اللهِ مُتعلِّقٌ بكُلِّ شيءٍ يَتعلَّقُ حتَّى بالمُستحيلِ، قال اللهُ تَعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: ٢٢]، وهذا مُستَحيلٌ، ومع ذلك تَعلَّقَ به العِلمُ: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ} [المؤمنون: ٧١] وهذا أيضًا مِنَ المُستَحيلِ على حِكمةِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ -.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: الِاستِدلالُ بالعُمومِ على الخُصوصِ، فاللهُ تَعالى استَدَلَّ على قُدرَتِه على إِحياءِ المَوتى بدَليلَينِ أحدُهما خاصٌّ والثَّاني عامٌّ، الخاصُّ يُحيي الأرضَ بعدَ مَوتِها، والعامُّ: {إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.

ويَنبَني على هذه الفائدَةِ: أنَّ العامَّ يَتناوَلُ جَميعَ أفرادِهِ، وقد ذَكَرَ ذلك النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في قَولِه حينَ عَلَّمَ أُمَّتَه التَّشهُّدَ قال: "إذا فَعلتُم ذلك فقد سَلِمْتُم على كُلِّ عَبدٍ صالحٍ في السَّماءِ والأرضِ" (١) فمثلًا، إذا قال الرَّجلُ: دُورِي وَقفٌ، يَشمَلُ جَميعَ الدُّورِ، ولو قال: سَيَّاراتي لفُلانٍ، يَشمَلُ جَميعَ السَّيَّاراتِ، ولو قال: نِسائي طَوالقُ، يَشمَلُ كُلَّ امرأةٍ له، ولو قال: عَبيدي أحرارٌ، شَمِلَ كُلَّ عبدٍ، المُهِمُّ أنَّ العامَّ يَتناولُ جَميعَ أفرادِه.


(١) أخرجه البخاري: كتاب الأذان، باب التشهد في الآخرة، رقم (٨٣١)، ومسلم: كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، رقم (٤٠٢)، من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>