للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإنْ قالَ قائِلٌ: إنَّ هُناك أُناسًا مِنَ المُسلمين يُصَلُّون ويُزَكُّون، لكنْ إذا ذَكَّرْتَهم مَثلًا بِعَذابِ القَبْرِ وبِأهوالِ يومِ القِيامَةِ يَقولُون: هلْ رأيتَ عذابَ القَبْر؟ وهلْ رأيتَ أهوالَ يومِ القِيامةِ؟ وهلْ رأيْتَ الجَنَّة؟ فما حُكْمُ هَؤُلاءِ؟

فالجَوابُ: إذا قُلْتَ لَهم هَكذا قالَ اللهُ ورَسُولُه؛ فَإن قالُوا: لا نُصَدِّق إلَّا ما نَرى فهَؤلاء كُفَّار، ولو يَرْكَعون باللَّيلِ والنَّهارِ، ويُخْرِجون جمِيعَ ما في صَنادِيقهم مِن النَّفقةِ فهُم كفَّارٌ؛ لأنَّهم يُكذِّبون، فهذا كُفر تَكذِيبٍ!

مِن فَوائدِ الآيتَيْن الكرِيمَتيْن:

الْفَائِدَة الأُولَى: وُجوبُ إعْلامِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أمَّتَه بأنَّه بَشَرٌ مِثْلُهم؛ لِقَولِه تَعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ}.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: آكديةُ هذا الإعْلانِ؛ حيثُ أُمِر النَّبي -صلَّى اللهُ علَيهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ- أنْ يُبلِّغَه على وجْهٍ خاصٍّ، وذَلِك أنَّ القُرآنَ كلَّه أُمِرَ الرَّسُولُ عليهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أنْ يُبَلِّغه؛ قالَ تَعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: ٦٧].

لكِنْ -في بعْضِ الأحْيان- يمرُّ بك آياتٌ يُؤمر النَّبي - صلى الله عليه وسلم - بتبلِيغها بذاتِها؛ فيكونُ هذا دليلًا على الاعتِناءِ بها وأهميتها، وهو كثيرٌ، مثل قولِه تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: ٣٠] , وقوله: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور: ٣١] وما أشبهَ ذلك، فيكونُ في هذا توصية خاصَّةٌ بتبلِيغه، وهو دالٌّ على العِناية به والاهتمامِ به.

الخُلاصَةُ: أنَّ القُرآنَ كلَّه قدْ أُمِرَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بتَبْلِيغه، والدَّلِيلُ: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: ٦٧] , وهُناكَ بعضُ الآياتِ يُؤمَرُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بتَبلِيغها على وجْهٍ خاصٍّ؛ فَيُقالُ: "قلْ كذا"، وهَذا يدُلُّ على العِنايةِ بها والِاهتِمامِ بها، وأنَّها ذاتُ

<<  <   >  >>