للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالمُرادُ بأنَّه ليس لك عليهم سُلطانٌ، يعني: لا يُمكِنُ أن تَتَسلَّطَ عليهم فتُغوِيَهم.

يَقولُ المُفسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [{إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ} للقَولِ {الْعَلِيمُ} بالفعل]، هذه الجُملَةُ تَعليلِيَّةٌ؛ لقَولِه: (استَعِذ باللهِ)، يَعني: فإنَّك إذا استَعذت مِنه باللهِ سَمِعَك، وإنَّه عَليمٌ بكيفيَّةِ دَفعِ هذا الشَّيطانِ الَّذي نَزَغَك منه نَزْغٌ فهو سَميعٌ لقولك إذا استَعَذتَ به، عليم بما يَدفَعُ به عنك هذا الشَّيطانَ.

من فوائِدِ الآياتِ الكريمَةِ:

الْفَائِدَة الأُولَى: انتِفاءُ تَساوي الحَسناتِ بَعضِها ببَعضٍ، وانتِفاءُ تَساوي السَّيِّئاتِ بَعضِها ببَعضٍ، فيَترَتَّبُ على ذلك فائدَةٌ: أنَّ الحَسناتِ تَتَفاوتُ والسَّيِّئاتِ تَتفاوتُ، فمِن الحَسناتِ ما هو أُصولٌ في الإسلامِ كالأُصولِ الخَمسَةِ، ومنها ما هو دونَ ذلك، ومنه ما هو فَرائضُ ومنه ما هو نَوافلُ، كذلك في المُحرَّماتِ ما هو شِركٌ مُخرِجٌ عنِ المِلَّةِ وما هو شِركٌ دون ذلك، وكذلك يُقالُ في الكُفْرِ، منه ما هو فُسوقٌ ومنه ما هو دونَ ذلك، هذا إذا قُلنا: إنَّ المُرادَ أنَّ الحَسناتِ لا تَتَساوى والسَّيِّئاتِ لا تَتَساوى.

أمَّا إذا قلنا: لا تَستَوي الحَسنَةُ ولا السَّيِّئةُ فهي أنَّ الحَسَنَةَ والسَّيِّئةَ لا يَتساويانِ، فَيُفيدُ الحثَّ على فِعلِ الحَسناتِ في مُقابِلِ السَّيِّئاتِ، وليس الفائدَةُ أن يَعلَمَ أنَّ الحَسنَةَ لا تُساوي السَّيِّئةَ؛ لأنَّ هذا أمرٌ مَعلومٌ، ولا يُمكنُ في القُرآنِ ببَلاغتِه أن يَأتيَ بمِثلِ ذلك؛ لأنَّ هذا كقولكَ السَّماءُ فَوقَنا والأرضُ تَحتَنا، لكنَّ المُرادَ الحَثُّ على أن تُقابِلَ السَّيِّئةَ بحَسَنةٍ.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: الإِرشادُ إلى مُدافَعَةِ السَّيِّئاتِ، يُؤخَذُ من قولِهِ: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}.

<<  <   >  >>