للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أمَّا الأَوَّلُ: فنِسبَتُها إلى غَيرِ اللهِ فتقولُ مثلًا الَّذي خَلَقَ السَّماءَ القُوَّةُ الطَّبيعيَّةُ هذا إِلحادٌ بالآياتِ الكَونيَّةِ.

والثَّاني: اعتِقادُ مُشارِكٍ للهِ فيها مِثل أن يَقولَ الَّذي يُدَبِّرُ الكَونَ هو اللهُ والإمامُ الفُلانيُّ كما تَقولُه بعضُ الرَّافضَةُ.

والثَّالثُ: اعتِقادُ مُعينٍ للهِ فيها يَعني: كأنَّ اللهَ عَجَزَ عن إِقامَةِ السَّمواتِ والأرضِ فأَعانَه آخرُ، يَعني: أن يَكونَ -عَزَّ وَجَلَّ- مُنفَرِدًا بالخَلقِ لكنَّ هناك مَن يُساعِدُه، ولكنَّ هذا المُساعِدَ ليس له شَرِكةٌ في الخَلقِ، وبهذا نَعرفُ الفَرقَ بَينَ المُعينِ والمُشارِكِ.

هذا هو الإلحادُ في آياتِ اللهِ الكَونيَّةِ، وإلى هذا يُشيرُ قَولُه تَعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ} [سبأ: ٢٢] كُلُّ الثَّلاثَةِ نَفاهُنَّ، {لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ} على سبيلِ الاستِقلالِ {وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ} على سَبيلِ المُشارَكَةِ، {وَمَا لَهُ} أي: ما للهِ منهم من ظَهيرٍ أي مُعينٍ.

والآياتُ الشَّرعِيَّةُ قُلنا: إنَّها ما نَزلَ مِنَ الوَحيِ على رُسلِ اللهِ، الإِلحادُ فيها يَكونُ أيضًا في ثَلاثةِ أُمورٍ: تَكذيبُها أو تَحريفُها أو مخُالفَتُها، هذا الإلحادُ في الآياتِ الشَّرعيَّةِ، فمَن كَذَّب وقال: إنَّ محُمدًا مثلًا لم يَنزِلْ عليه الوَحيُ وإنَّما يُعلِّمُه بَشَرٌ فهو مُلحِدٌ، ومَن حَرَّفَها وغَيَّرَ مَعناها أو غَيَّرَ لَفظَها فهو مُلحِدٌ؛ لأنَّ التَّحريفَ يَكونُ لفظًا وَيكونُ مَعنًى، والثَّالثُ مَن خَالفَها فهو مُلحِدٌ، فمَن عصا اللهِ فهو مُلحِدٌ لكنَّه ليس الإِلحادُ الَّذي نَفهَمُه وهو الخُروجُ مِنَ الدِّينِ، بل هو مُلحِدٌ إلحادًا بقَدْرِ ما فَعَلَ مِنَ المَعصيَةِ والمُخالَفَةِ، دَليلُ ذلك قَولُه تَعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ

<<  <   >  >>