أنَّ إيمانَهم لم يَكنْ إيمانًا خاطِفًا، آمَنَ ثُمَّ زال، بل إيمانٌ مُستقِرٌّ؛ لأنَّهم استَقاموا على دينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وقد سُئلَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - سأله رَجلٌ فقال:"يا رَسولَ اللهِ، قُل لي في الإسلامِ قولًا لا أَسألُ عنه أحدًا غَيرَك - يعني: قَولًا فَصلًا -، فقال لَه: قُل آمَنتُ باللهِ ثُمَّ استَقِمْ"(١) وهو مَأخوذٌ من هذه الآيَةِ: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا}.
وقولُه:{تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ}، {تَتَنَزَّلُ} مَدلولهُا يُخالِفُ مَدلولَ تَنَزَّلُ؛ لأنَّ {تَتَنَزَّلُ} فيها زِيادَةُ (التَّاء)، فهذه الزِّيادَةُ تَقتَضي مَعنيينِ: المَعنى الأَوَّلُ أنَّ تَنزُّلَهم يَكونُ شيئًا فشيئًا. {تَتَنَزَّلُ} لا تَنزَّلُ دُفعةً واحدَةً، والثَّاني: أنَّ التَّنزُّلَ أو النُّزولَ مُتكرِّرٌ، {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ}، يعني: كُلَّما دَعت حالهُم إلى تَنزُّلِ المَلائِكةِ عليهم تَنزَّلت عليهم، فصار الفَرقُ الآنَ بين تَنزَّلُ {تَتَنَزَّلُ} من وجهين: