ما يَتعلَّقُ بِرُبوبيَّته، وهي ما يَعجَزُ البَشرُ عَن مثلِه، فالبَشَرُ كُلُّهم عاجزونَ عَن أَن يَخلُقوا أَرضًا أو سَماءً أو نُجوما أو شَمسًا أو قَمرًا؛ ولهِذا قال تَعالَى:{وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ}[فصلت: ٣٧]، هذه آياتٌ كَونيَّة؛ لأَنَّه يَعجَزُ عن مِثلِها البَشَرُ.
قَولُهُ تعالى:{فِي الْآفَاقِ}{الْآفَاقِ} جَمعُ أُفُقٍ وَهو النَّاحيةُ، والآفاقُ هُنا جَمعٌ فتَدُلُّ علي أنَّ هذِه الآياتِ سَتكونُ في كُلِّ ناحيةٍ مِنَ السَّماءِ والأرضِ، فَفي السَّماءِ نُجومٌ وَفي السَّماءِ شَمسٌ وَفي السَّماءِ قَمرٌ، وفيها مَشارقُ وفيها مَغارِبُ، كُلُّ هَذه مِن آياتِ اللهِ مَن يَستطيعُ أَن يَخلُقَ مِثلَ الشَّمسِ؟ لا أَحَدَ. مَن يَستطيعُ أَن يُجريَها بِهذا الِانتظامِ البديعِ مُنذُ خَلَقَها اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إلي أن يَأذنَ بِخَرابِ العالَمِ؟ لا أَحَدَ يَستَطيعُ، مَن يَستطيعُ أَن يُزحزِحَها مِن مَشارِقِها الشَّرقيَّةِ الشَّماليَّةِ إلي مَشارِقِها الشَّرقيَّةِ الجَنوبيَّةِ؟ لا أَحَدَ، وهَلُمَّ جَرًّا هذا في آفاقِ السَّماءِ.
ومِن آفاقِ السَّماءِ ما يَحصُلُ مِنَ الأمطارِ الغَزيرَةِ أَوِ الخَفيفةِ والرَّعدِ والبرقِ وغَيرِ ذَلكَ، المُهمُّ أنَّ آفاقَ السَّماءِ كُلُّ ما عَلا فَإنَّه داخل في آفاقِ السَّماءِ.
كَذلكَ أيضًا آفاقُ الأرضِ فيها مِن آياتِ اللهِ عَزَّ وَجلَّ ما يَدُلُّ على كَمالِ عِلمِه وقُدرتِه وحِكمتِه ورَحمتِه جِبالٌ وأَنهارٌ وبِحارٌ، فَيافي وأَوديةٌ، هِضابٌ إلي غَيرِ ذَلكَ، نَباتاتٌ مخُتلِفَةٌ تَجِدُ النَّباتَ كَأنَّه رُقعةُ ثَوبٍ موشَّى، هذا أَخضرُ وهذا بَنَفسَجيٌّ وهذا