للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفائدَةُ الثَّانيَةُ: الحُكْمُ على مَرجِعِ الضَّميرِ بمُقْتَضى هذا الاسمِ الظَّاهرِ، ففي الآيَةِ الَّتي معنا: {فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا}، إذن تَكونُ الفائِدَةُ الحُكمَ عليهم بالكُفْرِ، وهكذا كُلَّما جاء الإِظْهارُ في مَوضِعِ الإِضمارِ فاحكُمْ عليه بهذه الفائِدَةِ.

الفائدَةُ الثَّالثَةُ: العُمومُ لو قال: فلَنُذيقَنَّهم، صار هذا الوَعيدُ خاصًّا بالَّذين قالوا: {لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ}، فإذا قال: {فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} صار عامًّا لهم ولغيرهم.

قال اللهُ تعالى: {فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا} هنا {عَذَابًا شَدِيدًا} مَنصوبٌ نَصَبَهُ {فَلَنُذِيقَنَّ} وهي تَنْصِبُ مَفعولَينِ؛ لأنَّ لَدينا قاعِدَةً: أنَّ الفِعلَ إذا تَعَدَّى لواحدٍ فأُدخلت عليه هَمْزَةُ التَّعدِيَةِ تَعَدَّى لاثنَينِ، وإذا كان يَتَعَدَّى لاثنينِ فأُدْخِلت عليه الهَمْزَةُ تَعَدَّى إلى ثَلاثَةٍ، مِثالُ ذلك مثلًا (ذاق) تَتَعَدَّى إلى واحدٍ، (ذاقَ طَعمَ الإيمانِ ورَضِيَ باللهِ ربًّا)، فإذا أُدخِلت عليها الهَمْزَةُ تَعَدَّت إلى مَفعولَينِ.

و(رأى) تَقولُ: (رَأيتُ الرَّجُلَ قائمًا) تَنْصِبُ مَفعولَينِ، فإذا أُدْخِلت عليه الهَمْزَةُ تَعَدَّت إلى ثَلاثَةٍ، تَقولُ: (أَريتُ زيدًا لرَّجُلَ قائمًا). هذه قاعِدَةٌ عَربيَّةٌ مُطَّرِدَةٌ، أنَّ الفِعلَ إذا كان لازمًا فدَخَلَت عليه الهَمْزَةُ تَعَدَّى لواحِدٍ، وإذا كان مُتَعَدِّيًا لواحدٍ فدَخَلَت عليه الهَمْزَةُ تَعَدَّى لاثنينِ، وإذا كان متعدِّيًا لاثنينِ فدَخَلت عليه الهَمْزَةُ تَعَدَّى لثَلاثَةٍ.

قال اللهُ تعالى: {فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا}، {عَذَابًا} أي: عُقوبَةً، {شَدِيدًا}: قويًّا.

وقولُهُ تعالى: {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ} معطوفَةٌ على {فَلَنُذِيقَنَّ}، {أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ} {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ} هذه تَنْصِبُ مَفعولَينِ؛ الأَوَّلُ الهاءُ والثَّاني {أَسْوَأَ}.

<<  <   >  >>