للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأول: من جهة الإخبار بأنه زُور؛ أي: كَذِب؛ لأنَّ إخبارَه أن زوجته تُشبِهُ أمَّه كذب؛ لأنَّه شبَّه مَنْ هي في أقصى غايات الحِلِّ بمن هي في أقصى غايات الحُرْمة.

الثاني: من جهة الإنشاء: أنه منكَرٌ؛ لأنَّ الشرع لم يجعله سببًا للتحريم.

الثالث: قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ﴾ [المجَادلة: ٢]: مُشعِرٌ بقيام سببِ الإثم؛ فدلَّ على التحريم.

ومن السُّنة: عن سلَمةَ بن صخرٍ قال: «كنتُ امرأً أصيبُ من النساء ما لا يصيبُ غيري، فلما دخل شهرُ رمضان، خِفتُ أن أصيبَ من امرأتي شيئًا يُتابع - أي يلازِمُني - فلا أستطيع الفَكاكَ منه حتى أصبح، فظاهرتُ منها حتى ينسلخ شهرُ رمضان، فبينما هي تخدُمُني ذاتَ ليلة، إذ تكشَّف لي منها شيءٌ، فلم ألبث أن نزَوتُ عليها، فلما أصبحتُ خرَجتُ إلى قومي، فأخبرتُهم الخبرَ، وقلت: امشُوا معي إلى رسول الله ، قالوا: لا والله، فانطلقتُ إلى النبي فأخبرته، فقال: أنت بذاك يا سلَمةُ؟ قلت: أنا بذاك يا رسول الله مرتينِ، وأنا صابرٌ لأمر الله؛ فاحكُمْ فيَّ ما أراك الله، قال: حرِّرْ رقبةً، قلت: والذي بعثك بالحق، ما أملِكُ رقبةً غيرها، وضربتُ صَفْحةَ رقبتي، قال: فصُمْ شهرين متتابعين، قال: وهل أصبتُ الذي أصبت إلا من الصيام؟ قال: فأطعِمْ وَسْقًا من تمر بين ستين مسكينًا، قلت: والذي بعثك بالحق، لقد بِتْنا وَحْشَينِ ما لنا طعام، قال: فانطلِقْ إلى صاحب صدقةِ بني زُرَيق، فليدفعها إليك، فأطعِمْ ستين مسكينًا وَسْقًا من تمر، وكُلْ أنت وعيالُك بقيَّتَها، فرجعتُ إلى قومي، فقلت: وجدتُ عندكم الضِّيق وسوءَ الرأي، ووجدتُ عند النبي السَّعة وحُسْنَ الرأي، وقد أمرني، أو أمر لي بصدقتكم»؛ رواه أحمد وأبو داود والتِّرمِذي وابن ماجَهْ، والحديث له شواهدُ يتقوى بها.

<<  <   >  >>