للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مسألة: الظهار صحيح، وتترتب عليه آثارُه وأحكامه، إذا توفَّرتْ فيه شروطُ صحته، وهي:

الشرط الأول: كون المظاهِر زوجًا، مسلِمًا كان أو غير مسلِم، ولو كان غيرَ قادر على الوطء، وعلى هذا فلا يصحُّ ظِهارُ السيد لأمَتِه؛ لقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ﴾ [المجَادلة: ٢]؛ فاللهُ أناط حكمه بالنساءِ، ومطلَقُهُ ينصرف إلى الزَّوجات، وعمومُ الآية يشمل كل زوج.

الشرط الثاني: العقل؛ فلا يصحُّ ظِهارُ مَنْ زال عقلُه بجنون، ولا من غُطِّيَ على عقله بإغماء، أو نوم، أو سُكْرٍ، أو دواء، ولا مَنْ نقص عقله؛ كالمعتوه؛ وهذا باتفاق الأئمة؛ لحديث عائشةَ ؛ أنَّ النبيَّ قال: «رُفِعَ القلمُ عن ثلاثة: عن النائمِ حتى يستيقظَ، وعن الصغير حتى يَكبَرَ، وعن المجنون حتى يَعقِلَ»؛ رواه أحمد وأبو داود والتِّرمِذي والنَّسَائي بإسناد حسن.

ولحديث سليمانَ بن بُرَيدة، عن أبيه، قال: «جاء ماعزُ بن مالك للنبيِّ ، فقال: يا رسول الله، طهِّرني، قال: ممَّ أطهِّرُك؟ قال: من الزِّنا، فسأل رسولُ الله : أَبِهِ جنونٌ؟ فأُخبِرَ أنه ليس بمجنون، فقال: أشَرِبَ خمرًا؟ فقام رجُلٌ فاستنكَهَهُ، فلم يَجِدْ منه ريحَ خمرٍ، فقال النبي : أزنَيتَ؟ قال: نعم، فأمَرَ به فرُجمَ»؛ رواه مسلِم.

وجه الاستدلال من الحديث: أنَّ النبيَّ أمر بشمِّ ريحِ فمِ ماعز ليعلَمَ هل هو سكرانٌ أم لا؟ فإن كان سكران، لم يصحَّ إقرارُه، وكذا ظِهاره.

قال ابن قدامة: (ومَن لا يصحُّ طلاقُه، لا يصحُّ ظِهاره؛ كالطفل، والزائلِ العقلِ بجنون، أو إغماء، أو نوم، أو غيره؛ وبه قال الشافعيُّ وأبو ثَوْر، ولا

<<  <   >  >>