للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا الشِّرك لا يخلو من أمرينِ:

الأول: شِرْكٌ أكبرُ؛ وذلك إذا اعتقد أن المحلوفَ به مساوٍ لله تعالى في التعظيم؛ وذلك لصرفِهِ خَصِيصةً مِنْ خصائص الخالق للمخلوق.

الثاني: شرك أصغرُ؛ وهو مجردُ الحلفِ بغير الله؛ وذلك أن العِبرة في الألفاظ الشِّرْكية بمجردِ اللفظ، وليس المقصد، والنبيُّ سمَّى الحلفَ بغير الله شِرْكًا، وعليه فهو شِرك دون حاجةٍ إلى البحث في القصد.

ثم يُغلَّظُ الحكمُ بحسَب المقصد حتى يصل إلى مرتبة الشِّرك الأكبر؛ وذلك إذا قصَدَ بحَلِفه تعظيمَ المحلوف به؛ كتعظيم الله .

فرع: كفَّارة الحلف بغير الله تعالى: التوبةُ، وأن يقول: لا إله إلا الله؛ فعن أبي هُرَيرة ، قال: قال رسول الله : «مَنْ حلَفَ منكم، فقال في حَلِفِهِ: باللات والعزى، فليقل: لا إله إلا اللهُ، ومَن قال لصاحبه: تعالَ أقامِرْك، فليتصدَّقْ»؛ رواه البخاري.

ولما رواه أحمد؛ عن سعد بن أبي وقاص ، قال: حلَفتُ باللات والعزى، فقال أصحابي: قد قُلتَ هُجْرًا، فأتيتُ النبي ، فقلت: إن العهدَ كان قريبًا، وإنِّي حلَفتُ باللات والعزى، فقال رسول الله : «قل: لا إلهَ إلا اللهُ وحده ثلاثًا، ثم انفُثْ عن يسارك ثلاثًا، وتعوَّذْ، ولا تعُدْ».

مسألةٌ: الحَلِف بالذِّمة: إذا قال: بذِمَّتي، لأفعلنَّ كذا: فإن أراد به القسمَ بغير الله تعالى، فهذا لا يجوز؛ لأنه حَلِفٌ بغير الله تعالى؛ إذ ذمَّةُ المخلوق مخلوقة، وإن أراد بالذِّمة العهدَ والمسؤولية؛ أي: إن هذا على عهدي ومسؤوليتي: فهذا ليس قسَمًا؛ فجائزٌ.

ومثلُهُ قول: (لعَمْري)، يقال: إنْ قصَدَ اليمين؛ حرُمَ؛ لأنه حلفٌ

<<  <   >  >>