للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الحقيقي: فهو الاسم الباقي على حقيقته كاللحم، فإذا حلف لا يأكل اللحم، فأكل شحمًا أو مخًّا أو كبدًا أو نحوه، لم يحنث؛ لأن إطلاق اسم اللحم لا يتناول شيئًا من ذلك إلا بنية اجتناب الدسم، وإن حلف لا يلبَس شيئًا، فلبس ثوبًا أو درعًا أو نعلاً حنث؛ لأنه ملبوس حقيقةً وعرفًا.

وإن حلف لا يكلم إنسانًا، حنث بكلام كل إنسان، ولا يفعل شيئًا، فوكل من فعله، حنث إلا أن ينوي مباشرته بنفسه.

وأما العرفي: فما غلب فيه العرف على الأصل، كالراوية في العرف: للمزادة، وفي الحقيقة: الجمل الذي يستقى عليه، والغائط في العرف: للخارج المستقذر، وفي الحقيقة: لفناء الدار وما اطمأن من الأرض، فتتعلق اليمين بالعرف دون الحقيقة؛ لأن الحقيقة في نحو ما ذكر صارت كالمهجورة، ولا يعرفها أكثر الناس.

والأقرب أن يقال بالتفصيل الآتي:

١ - إن كانت اليمين على عبادة أو عقد، قدمت الحقيقة الشرعية، ما لم تكن نية أو سبب، فمثلاً: لو حلف على فعل عبادة أو عقد، لم تبرأ ذمته إلا بفعل عبادة وعقد صحيحين.

٢ - وإن كانت على عمل أو زمن أو عين، قدمت الحقيقة اللغوية، ما لم تكن نية أو سبب أو عرف يقتضي خلاف ذلك، فمثلاً: لو حلف أن يأكل فاكهة رجع إلى تفسير الفاكهة عند أهل اللغة، ولا تبرأ ذمته إلا بهذا مالم يكن عرف.

<<  <   >  >>