ولحديث سهل ﵁ في قصة الواهبة، وفيه قوله ﷺ:«التمِسْ ولو خاتَمًا من حديد»؛ متفق عليه.
وورَدَ عن ابن مسعود ﵁؛ أنه سئل: عن رجُلٍ تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقًا، ولم يدخل بها حتى مات، فقال ابن مسعود:(لها مثلُ صداق نسائها، لا وَكْسَ ولا شطَطَ، وعليها العِدَّة، ولها الميراث، فقام مَعقِل بن سِنان الأشجعي، فقال: قضى رسول الله ﷺ في بَرْوَعَ بنت واشق -امرأةٍ منا- بمثلِ ما قضيتَ)؛ رواه التِّرمِذي والنَّسَائي، وصحَّحه الترمذي.
مسألةٌ: يسن أن يكون من أربعمائة درهم من الفضة، وهي صداقُ بنات النبي ﷺ؛ لحديث عليِّ بن أبي طالب:«أنه أصدق فاطمةَ درعَ حديدٍ حُطَمية، وكان ثمنها أربعمائة درهم»؛ أخرجه أبو داود، والنَّسَائي، وأحمد، إلى خمسمائة درهم، وهي صداق أزواجه ﷺ؛ لحديث عائشة ﵂ قالت:«كان صداقُهُ ﷺ لأزواجه ثنتَيْ عَشْرة أُوقِيَّةً ونَشًّا»، والنَّشُّ: نصف أوقية؛ فتلك خمسمائة درهم؛ فهذا صداق رسول الله ﷺ لأزواجه؛ أخرجه مسلِم، إلا صفية وأم حبيبة ﵄، فصفيَّةُ أصدَقها ﷺ عِتْقَها، وأم حبيبة أصدَقها النجاشيُّ أربعة آلاف درهم.
وقال عمرُ ﵁:«ألا لا تُغالُوا بصداق النساء؛ فإنَّها لو كانت مكرمةً في الدنيا، أو تقوَى عند الله؛ لكان أَوْلاكم بها النبي ﷺ؛ ما أصدَقَ رسولُ الله ﷺ امرأةً من نسائه ولا امرأةً من بناته أكثرَ من ثنتَيْ عَشْرة أوقية»؛ رواه أبو داود، والنَّسَائي، والتِّرمِذي، وصحَّحه الحاكم، ووافقه الذهبي.
مسألةٌ: لا خلاف بين الفقهاء في أنه لا حدَّ لأكثرِ الصداق؛ لقوله تعالى: ﴿وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا﴾ [النِّسَاء: ٢٠]، وفي القنطار أقوال؛ منها: أنه المال الكثير، وقيل: إنه ألفُ مثقال من الذهب، وقيل: ملءُ جِلدِ ثورٍ من الذهب، وقيل: على سبيل المبالغة.