وأما أقل المَهْر، فالضابط: أنه يصحُّ بكل ما يجوز أن يكون مالاً شرعًا من الأعيان والمنافع، قليلاً كان أو كثيرًا، ما لم ينتهِ في القِلة إلى حدٍّ لا يُتموَّل؛ لقوله تعالى: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ﴾ [النِّسَاء: ٢٤] دون تحديدِ حدٍّ معين.
ولحديث سهل بن سعد ﵁، وفيه:«تزويجُهُ ﷺ الصحابيَّ بما معه من القرآن»؛ متفق عليه.
مسألةٌ: وإن أصدَقها تعليمَ قرآنٍ أو غيرِه من العلوم الشرعية، أو المباحة: صحَّ؛ لحديث سهل بن سعد ﵁، وفيه قوله ﷺ:«زوَّجتُكها بما معك من القرآن»؛ متفق عليه، ولأن التعليم منفعة، والمنافع أموال.
ويجوز أن يأتيَها بمن يعلِّمها إياه، إن كان مثلَهُ في التعليم، وإن تعلمته من غيره، وتعذَّر عليه تعليمُها: لَزِمته أجرةُ التعليم.
مسألةٌ: يجوز جعلُ المنفعة صداقًا؛ كدار تنتفع بسكَنها، أو استعمال سيارته، ونحو ذلك؛ لأنَّها منفعة يجوز أخذ العِوَض عليها؛ فهي مال.
مسألةٌ: إن أصدَقها طلاقَ ضَرَّتها، لم يصحَّ؛ لحديث عبد الله بن عمرو ﵄:«لا يحلُّ لرجُلٍ أن ينكح امرأهً بطلاقِ أخرى»؛ أخرجه أحمد، وفيه ابن لهيعة ضعيف، وله شاهد صحيح من حديث أبي هُرَيرة ﵁ مرفوعًا، بلفظ:«لا تسألِ المرأةُ طلاقَ أختها؛ لتستفرغَ صَحْفتَها، ولتَنكِحْ؛ فإن لها ما قُدِّرَ لها»؛ أخرجه البخاري ومسلِم، ولأنها منفعةٌ ليس لها قيمة مالية، ولما في ذلك من المضارَّة للضَّرة.
قال شيخ الإسلام:(لو قيل ببطلان النِّكاح، لم يبعُدْ؛ لأنَّ المسمى فاسدٌ لا بدل له، فهو كالخمرِ، ونكاح الشِّغار).