للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عائشةَ : «ولها المَهْرُ بما استحلَّ مِنْ فَرْجِها»؛ رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وحسنه الترمذي، وقال ابن حجر في الفتح: (صححه أبو عوانة وابن خزيمة وابن حبان والحاكم).

الثالث: الخَلْوة؛ وهذا هو المذهب، ومذهب الحنفية؛ أن الخَلْوة تقرِّر الصداقَ؛ لقوله تعالى: ﴿وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ﴾ [النِّسَاء: ٢١]، قال الفرَّاء: الإفضاء الخَلْوة، ولما ورد عن عمرَ وعليٍّ : «إذا أُجِيفَ الباب، وأُرخِيت الستورُ: فقد وجب المَهْر»؛ رواه ابن أبي شَيْبة والبَيْهَقي بإسناد صحيح.

وعند الشافعية في الجديد: أن الخَلْوة لا تقرِّرُ الصداقَ؛ لظاهر الآية السابقة.

فرع: ضابط الخلوة التي يستقر بها المهر:

عند الحنفية: هي الخَلْوة التي لا يكون معها مانعٌ من الوطء؛ لا حقيقي، ولا شرعي، ولا طبعي.

وعند الحنابلة: أن ينفرد بها عن مميِّزٍ وبالغ مطلقًا.

الرابع: الاستمتاع بما دون الفَرْجِ، إذا أخذها فمسَّها وقبض عليها من غير أن يخلوَ بها، فلها الصداقُ كاملاً؛ إذ نال منها شيئًا لا يَحِلُّ لغيره؛ كما قال الإمام أحمد؛ لقوله تعالى: ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ [الأحزَاب: ٤٩]؛ وهذا مَسِيسٌ، ولما تقدم قريبًا عن عمر وعلي .

مسألةٌ: باتفاق الفقهاء - في الجملة - أن مَنْ فارَقَ زوجته قبل الدخول بها، أو قبل ما يستقرُّ المَهْر مما تقدَّم، وقد سمَّى لها مهرًا: فيجب عليه نصفُ المَهْر المسمى؛ لقوله تعالى: ﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ﴾ [البَقَرَة: ٢٣٧].

فالقاعدة: أن المَهْرَ المسمى يتنصَّفُ بكل فُرْقة من قِبَل الزَّوج، قبل الدخول، أو ما يقرِّر الصداق؛ كإسلامه، وطلاقه، والفسخ لعيبه، ونحو ذلك.

ويسقط بكل فُرْقة من قِبَلها؛ باتفاق الأئمة الأربعة في الجملة؛ مثل: الفسخ لعيبها، وإسلامها، ونحو ذلك.

فرعٌ: إن طلق الزَّوجةَ بعد الدخول، فلا متعة لها، بل لها المَهْر؛ لقوله تعالى: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً﴾ [البَقَرَة: ٢٣٦].

فأوجب اللهُ المتعةَ بشرطينِ: أن يكون الطلاقُ قبل الفرض، وقبل المَسِيس، ولم يوجد الشرطانِ.

ونوقش: بأن ذِكْرَ بعض أفراد العام بحُكْمٍ يوافق العامَّ لا يقتضي التخصيصَ.

وعن الإمام أحمد - وهو الجديد من قولَيِ الشافعي، واختاره شيخ الإسلام -: وجوبُ المتعة لكل مطلَّقة؛ لقوله تعالى: ﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ *﴾ [البَقَرَة: ٢٤١]؛ فالآية عامة لكل مطلَّقة، ولأنَّ المتعة إنما جُعِلتْ لِما لحقها من الابتذال والإيحاش بالطلاق، والمَهْرُ في مقابلة منفعة الوطء، وقد استوفاها.

فرعٌ: يجوز الدخولُ على المرأة قبل إعطائها شيئًا من المهر.

مسألةٌ: وإن افترَقا بعد الدخول في النِّكاح الفاسد أو الباطل، وجب المسمى لها في العقد؛ قياسًا على الصحيح.

<<  <   >  >>