مسألةٌ: إذا زنتِ المرأةُ، قال أبو حنيفةَ - واختاره شيخ الإسلام -: لا شيءَ لها من العوض، سواء كان الزنا بإكراه أو رضًا؛ لحديث رافع بن خَدِيج ﵁؛ أن النبيَّ ﷺ قال:«كسبُ الحَجَّام خبيث، ومَهْرُ البغيِّ خبيث، وثمَنُ الكلب خبيث»؛ رواه أحمد وأبو داود والتِّرمِذي والنَّسَائي، وقال الترمذي:(حسن صحيح).
لكن الأظهر أنه يؤخذ المهر من الزاني ويتصدق به؛ لئلا يجمع له بين العوض والمعوض، ويستثنى من ذلك أرش البكارة فيكون للمرأة إذا أكرهت على الزنا؛ لما فيه من الإتلاف.
مسألةٌ: للمرأة قبل الدخول منعُ نفسها حتى تَقبِضَ صداقها الحالَّ؛ لأنَّه إذا تعذَّر استيفاءُ المَهْر عليها، لم يُمكِنْها استرجاعُ عِوضها، ولها النفقة زمَنَ منعِ نفسها.
فإن كان الصداقُ مؤجَّلاً، ولم يَحِلَّ: لم تَملِكْ منعَ نفسها؛ لأنها لا تَملِك الطلب به.
ولو أبى الزَّوجُ تسليمَ الصداق حتى تسلِّم نفسها، وأبت تسليم نفسها حتى يسلِّم الصداقَ: أُجبِرَ زوجٌ، ثم زوجتُه.
فرعٌ: إن أعسر الزَّوجُ بالمهر الحالِّ:
عند الحنفية: أنه لا فسخَ لها مطلقًا، بل هي كسائر الغرماء؛ لأنَّ المَهْر دَيْنٌ يثبُتُ في ذمة الزَّوج، ومن المتفَق عليه: أن النِّكاح لا يُفسَخ بالإعسار بدَيْنٍ غيرِ الصداق، فكذا الإعسار بالصداق، ولأنَّ الأصل في الفُرْقة ألا تكون إلا بيد الزَّوج، فلا تكون لغيره إلا بدليل.