أعاده المصنف بدونها في حرف "الميم"، وعزاه إلى البخارى وحده فكان الواجب عزوه لهما معا هناك أيضًا كما هو الواجب المتبع بين أهل الحديث، فلا هو تمسك باصطلاحه في كتابه، ولا اتبع طريقة أهل الحديث.
قال الشارح في معناه: يصح النفل بنية من النهار أى قبل الزوال والفطر عند الشافعى، ويثاب من طلوع الفجر، ثم قال عقب عزوه: فيه انقطاع ونقل ذلك في الكبير عن عبد الحق، وأنه قال: إنه من رواية طلحة بن يحيى عن مجاهد عن عائشة، ومجاهد لم يسمعه منها كما في علل الترمذى.
قلت: فيه أمور، الأول: أن الحديث مشرق والمعنى الذي ذكره الشارح مغرب، بل معناه: أن الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء أتم صومه، وإن شاء أفطر ولم يتم صومه، كالمتصدق إن شاء أمضاها وإن شاء ردها، أو كون التطوع يصح بنية من النهار، فلا دلالة في الحديث عليه أصلا.
الثانى: إنما دخل الوهم على الشارح في هذا المعنى من جهة كون الحديث له أصل وقصة تفيد ذلك الحكم، وعليه اقتصر مسلم وغيره في رواية الحديث، ولم يذكروا هذه الزيادة التي خرجها النسائي وابن ماجه، بل ذكرها مسلم مدرجة في الحديث من قول مجاهد فروى من طريق طلحة يحيى بن عبيد اللَّه:
حدثتنى عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين رضي اللَّه عنها قالت: "قال لى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذات يوم يا عائشة هل عندكم شيء؟ قالت: فقلت يا رسول اللَّه ما عندنا شيء، قال: فإنى صائم، قالت: فخرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأهديت لنا هدية أو جاءنا زور، قالت: فلما رجع