وكان أجداد صاحب الترجمة الأوائل قد قدموا من الأندلس في أواخر القرن الخامس، ونزلوا بأحواز تلمسان -وهم من قبيلة بني بزناس- وفيها نشأوا واشتهروا، ثم تفرقوا بعد ذلك في أنحاء المغرب فسكنوا غمارة وتجكان وأنجرة، ثم فاس وطنجة وتطوان وغيرها.
وكان والد صاحب الترجمة السيد محمد بن الصديق قد اختار طنجة للسكنى، ثم اتفق أن جاء الخبر بميلاد أول أبنائه الشيخ أحمد بن الصديق أثناء زيارة له لقبيلة بني سعيد، وكان ذلك يوم الجمعة سابع وعشرين من رمضان سنة عشرين وثلاثمائة وألف (١٣٢٠ هـ).
ولما بلغ الشيخ خمس سنين أدخله والده المكتب لحفظ القرآن الكريم على يد العلامة العربي بن أحمد بو درَّة.
[طلبه للعلم]
ولما بلغ من العمر تسع سنين اصطحبه والده معه في رحلته للشرف لأداء فريضة الحج، وبعد عودته استكمل حفظ القرآن الكريم ثم شرع في حفظ المتون كالآجرومية والمرشد المعين والأربعين النووية -وكان يكتب في كل يوم حديثًا- والسنوسية وألفية أبن مالك والجوهرة والبيقونية وألفية العراقي في الحديث وبعض مختصر خليل (إلى كتاب النكاح منه)، وكذلك قرأ شروح تلك الكتب، وقرأ ختمة من القرآن الكريم على يد الفقيه عبد الكريم البرَّاق الأنجري، وكان يتقن علم الرسم فأتقن عليه ذلك بنظم الخراز وشرحه فتح المنان لعبد الواحد بن عاشر.
كل ذلك وعين أبيه عليه ساهرة، فهو لم يزل يحثه على الطلب والتعب