للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٢ - كان ينخاع لمن خدعه]

كما كان من صفاته أنه ينخدع لمن خدعه ليس جهلا منه ولكن لحسن خلقه وغرارة طبعه، كما كان يزداد إحسانه لمن هو على هذه الحالة معه لعله يستحي من فعله ويتوب إلى اللَّه.

من ذلك ما كان من"قارَّة" و"فزاري" اللذين كانا يتقربان إلى الشيخ ويتظاهران له بالاختصاص به والنسبة إليه مع ما كانا يفترياه عليه من جرائم سياسية تناسب عداوتهما له، وبالرغم من افتضاح أمر خيانتهما للخاصة والعامة إلا أن الشيخ. كان يغض الطرف عنهما ويكره إذايتهما.

والمتتبع لكتابات الشيخ يستوضح هذا المعنى جليًا، يقول في التصور والتصديق (١):

وقد روى البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي والحاكم والبيهقي وغيرهم من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "المؤمن غر كريم والفاجر خب لئيم"، يعني أن المؤمن المحمود في الفعال والخصال من كان طبعه الغرارة وقلة التظاهر بالفطنة للشر وترك البحث عن الأمور، وليس ذلك مه جهلا وغباوة بل تجاهلًا وتسامحًا لكرم أخلاقه وحسن طباعه، والفاجر من أخلاقه الخبث والدهاء والتوغل في معرفة الشر والحذر لدناءة طبعه ولسوء أخلاقه وفقده الكرم من نفسه.

قال بعض العارفين: كن عُمرى الفعل فإن الفاروق رضي اللَّه عنه يقول: من خدعنا باللَّه انخدعنا له، فإذا رأيت من يخدَعَك وعلمتَ أنه مخادع،


(١) انظر "التصور والتصديق" (ص ١٦٤) بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>