قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجًا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وإلا لما عدل عنه وهو غفلة، فقد رواه أبو نعيم في الحلية والديلمى في مسند الفردوس عن جابر باللفظ المزبور لكنهما قالا: بدل قوله هنا "فأنا". . . إلخ "فلا لعنة اللَّه".
قلت: أبو نعيم ما خرجه في الحلية أصلًا وإنما خرج حديث أنس باللفظ الذي سقته قبل حديث، وأما الديلمى فخرجه بدون ذكر الأنصار، وهو من أقران ابن عساكر في الطبقة، والعزو إلى ابن عساكر أولى عند المحققين.
قال في الكبير: قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، وقال الحافظ العراقى: إسناده جيد، وقال ابن حجر: حسن، واعلم أن المصنف جعل في الخطبة (حم) رمزًا لأحمد في مسنده فاقتضى ذلك أن أحمد روى هذا في المسند وهو باطل، فإنه لم يخرجه فيه وإنما خرجه في كتاب الزهد فعزوه إلى المسند سبق ذهن أو سبق قلم، وممن ذكر أنه لم يخرجه في مسنده المؤلف نفسه في حاشيته للقاضى فتنبه لذلك.
قلت: المصنف عزا الحديث لأحمد عن علم وتحقيق، وما حكاه عنه الشارح أنه نفى في حاشية البيضاوى كونه في المسند لعله من وهمه الكثير الذي يهمه على العلماء وينسب إلى كتبهم ما ليس فيها، فلا أصدقه بل أكاد أجزم ببطلان قوله، فإن الحديث ذكره أحمد في مسند أنس من مسنده عدة مرات، فقال [٣/ ١٢٨]:
حدثنا أبو عبيدة عن سلام بن المنذر عن ثابت عن أنس أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: