البيهقى الذي ذكره المؤلف، وكذلك ذكره الحافظ في الفتح بالدال أيضًا فقال: واختلف في حد الجوار، فجاء عن على رضي اللَّه عنه: من سمع النداء فهو جار، وقيل من صلى معك صلاة الصبح في المسجد فهو جار، وعن عائشة: حد الجوار أربعون دارًا من كل جانب. . . إلخ ما ذكره.
فاعجب لجرأة الشارح على الكذب، ثم إن ما نقله عن البيهقى ليس كذلك هو فيه أيضًا، بل البيهقى [٦/ ٢٧٦] قال عقب حديث عائشة:
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن عبد اللَّه السراج أنا أبو محمد القاسم بن غانم بن حمويه الطويل حدثنا أبو عبد اللَّه أبو شنجى ثنا إسماعيل ابن سيف حدثتنى سكينة قالت: أخبرتنى أم هانئ بنت أبي صفرة عن عائشة رضي اللَّه عنها أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"أوصانى جبريل عليه السلام بالجار إلى أربعين دارًا، عشرة من ههنا وعشرة من ههنا وعشرة من ههنا وعشرة من ههنا، قال إسماعيل: عن يمينه وعن يساره وقباله وخلفه.
قال البيهقى: في هذين الإسنادين ضعف، وإنما يعرف من حديث ابن شهاب الزهرى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلًا: "أربعون دارًا جار" قيل لابن شهاب: وكيف أربعون دارًا؟ قال: أربعون عن يمينه وعن يساره وخلفه وبين يديه، أورده أبو داود بإسناده عن الزهرى في المراسيل اهـ.
والمؤلف لم يسكت عن ذلك كما افتراه الشارح عليه، بل رمز للحديث بعلامة الضعف، وهو بذلك يكتفى عن نقل كلام المخرجين.
ثم ما ذكره الشارح من أنه وقف على الحديث بلفظ: "حق" بالقاف في مسند أبي يعلى كذب من جهتين: إحداهما: أن أبا يعلى لم يخرج حديث عائشة المذكور في المتن، وإنما خرج حديث أبي هريرة [٥/ ٣٨٥، رقم ٥٩٨٢](١) الذي أسنده عنه ابن حبان في الضعفاء.