قلت: لا أدرى كيف وقع المصنف في إيراد الحديث بهذا اللفظ، وعزوه للطبرانى من حديث ثوبان فإنه لم يخرجه الطبرانى بهذا اللفظ لا من حديث ثوبان ولا من حديث غيره.
بل لم يقع بهذا اللفظ إلا في فوائد أبي القاسم التميمى من حديث ابن عباس على ما نقله التاج السبكى في رفع الحاجب، وفي الطبقات الكبرى وغيرهما، وكذلك الزركشى في المعتبر بتخريج أحاديث المنهاج والمختصر، والحافظ في التلخيص الحبير وغيرهم، بل وكذلك المصنف في الأشباه والنظائر، وإن عزاه الحافظ السخاوى له بلفظ:"رفع اللَّه"، فالمصنف واهم في هذا وهما لا ينفك عنه، وأما الشارح فخلط في الكلام عليه تخليطًا عجيبًا كما هو دأبه في أقواله وأنقاله وبيان ذلك من وجوه، الأول: أنه أغفل التعقب الصحيح على المؤلف في ذكره الحديث بهذا اللفظ من رواية الطبرانى عن ثوبان وليس هو عنده كذلك.
الثانى: أنه انتقل من الكلام على حديث ثوبان إلى الحديث من أصله، فإن الذي ذكره النووى في الروضة وحسنه هو حديث ابن عباس السابق في حرف الهمزة بلفظ:"إن اللَّه تجاوز" لا حديث ثوبان المذكور هنا.
الثالث: أنه اعترض على المصنف تصحيح الحديث، والمصنف أراد الحديث من أصله كما أراده الشارح أيضًا، والحديث من أصله صحيح لا شك فيه وقد صححه ابن حبان، والحاكم، والضياء، والذهبى وآخرون، وأفردت لبيان صحته جزءًا سميته: شهود العيان بثبوت حديث رفع عن أمتى الخطأ والنسيان، وذكر ما فيه يطول، ويكفى في رد كلام الشارح ما في الوجه بعده.
الرابع: إن هذا متناقض مع ما قاله الشارح نفسه في الصغير ونصه: رواه (طب) عن ثوبان بإسناد حسن لا صحيح كما زعمه المؤلف، بل قيل بضعفه، نعم هو صحيح لغيره لكثرة شواهده، فإن حمل على هذا كان متجها اهـ.
فتأمل هذا الكلام العجيب فإنه اعترض على الصنف أولا ثم رجع إلى كلامه