لو كان ابن الجوزى حيا لما تأخر عن ذكر نوادره في أخبار الحمقى والمغفلين، فمن فرط جهله بالرجال وعظيم غفلته أن كل اسم يراه في مسند الديلمى يوافق اسم مخرج ولو في نصفه، فإنه يعزو ذلك الحديث إلى ذلك المخرج كالبزار وأبي يعلى وأبي نعيم والسلمى وأمثالهم، فكل رجل وصف بالبزار فهو صاحب المسند عند هذا [الشارح] سواء كان في عصر البزار أو بعده بألف سنة، بل أعجب من ذلك أنه كرر العزو إلى البزار بتكرار هذه النسبة مع اختلاف الاسم والزمان، فتارة كان المذكور في المسند عمر البزار وتارة كان إبراهيم البزار وتارة كان محمد البزار، [وهو] في كل ذلك يقول: رواه البزار مستدركا بذلك على المصنف، فكان البزار صاحب المسند الذي اسمه أحمد بن عمرو كان يسمى بأسامى متعددة هو وأبوه وجده، وكان يوجد في أزمان متعددة تارة في القرن الثالث وأخرى في الرابع وأخرى في الخامس، وقد سبق قريبًا أنه فعل ذلك مع رجل هو شيخ للديلمى واسمه أبو بكر أحمد بن زنجويه، فعزاه إلى ابن زنجويه المخرج المشهور الذي اسمه حميد والذي توفى قبل ولادة الديلمى الراوى عنه بنحو مائتين وخمسين سنة بل أكثر، وهنا جاء دور محمد بن نصر المروزى فإن الديلمى قال في هذا الحديث:
أخبرنا أحمد بن نصر أخبرنا أبو طالب بن الصباح المزكى أخبرنا ابن لال حدثنا الزعفرانى ثنا جعفر بن محمد الصائغ ثنا قبيصة ثنا سفيان عن الحجاج ابن فرافصة عن يحيى بن كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة به، فقال: رواه محمد بن نصر -يعنى- الذي توفى سنة أربع وتسعين ومائتين قبل ولادة الجد السادس للديلمى الذي روى عنه، والذي توفى سنة ثمان وخمسين وخمسمائة، فاعجب لهذا الرجل ما أجهله بالرجال ومع هذا فلم يكتف أن يكون هو جاهلا حتى طلب من الحافظ السيوطي أن يكون مثله، ويلومه على عدم عزوه الحديث إلى ابن نصر إن هذا واللَّه لعجب عجاب.
ومنها قوله في الحجاج بن فرافصة: ونسبه ابن حبان إلى الوضع. . . إلخ،