قول الغير قضية مسلمة في القضاء على المصنف ولم يكن وقتًا ما كلام المصنف حجة على الغير؟
فالهيثمى إذ قال ذلك كان ناشئا عن نظره واجتهاده في الجرح والتعدل حسبما المنقول عن أهله، والمصنف له أيضًا رأيه واجتهاده في ذلك، بل هو أعلى نظرا وأصوب رأيا من الحافظ الهيثمى كما ستراه.
ثالثها: الحديث من رواية عمران بن ظبيان عن حكيم بن سعد أبي يحيى عن على، وعمران بن ظبيان قال البخارى [٣/ ٢/ ٤٢٤]: فيه نظر، وهذه من أسوأ عبارات الجرح في اصطلاحه، وذكره ابن حبان في الضعفاء وقال [٢/ ١٢٣]: فحش خطؤه حتى بطل الاحتجاج به، وذكره العقيلى [٣/ ٢٩٨] وابن عدى في الضعفاء، لكنه مع ذلك روى عنه الكبار مثل السفيانين وشريك، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، وذكره ابن حبان في الثقات أيضًا [٧/ ٢٣٩]، فالهيثمى إذ أطلق القول بأن رجاله ثقات كان متساهلا في ذلك مخالفا لقاعدته في مثل هذا، وهو أن يقول: رجاله موثقون لأنه غلب جانب من وثق على جانب من ضعف، والمصنف راعى القولين فحكم بحسنه، لأن الرجل ليس بثقة على الإطلاق فيكون حديثه صحيحا ولا يضعف كذلك فيكون خبره ضعيفا، بل هو في الواقع صدوق يهم مع اتهامه بالتشيع الذي أوجب كلامهم فيه، وهذا هو شرط الحسن عند أهل الحديث، فلو كان الشارح منهم لاعترف للمؤلف بالفضل وأنصف ولكنه جاهل بصناعة الحديث.