قلت: تعرض الشارح للكلام على الإسناد فضول منه لاسيما بعد أن ينقل كلام الحفاظ على سند الحديث، فمحمد بن إسماعيل بن أبي فديك ثقة متفق عليه من رجال الستة لا يعلل به الحديث في مثل هذا الموطن، والغريب أن يرى ثناء الذهبى عليه وتوثيقه له وحكايته ذلك عن الجمهور، ثم يذكر ما قيل فيه مع ذلك لظنه أن الثقة هو الذي لم يتكلم فيه ببنت شفة كأنه ملك، فالذهبى قال فيه: صدوق مشهور محتج به في الكتب الستة، قال ابن سعد وحده: ليس بحجة ووثقه جماعة، وعمر الوقاصى لا وجود له في الرجال وإنما الموجود في سند الحديث عمر بن حفص شيخ ابن أبي فديك والراوى عن عثمان بن عبد الرحمن الوقاصى.
وقد ذكر ابن أبي حاتم في العلل [٢/ ٢٣٩، رقم ٢٢٠٧] أنه سأل أباه عن هذا الحديث فقال: عمر بن حفص مجهول، والحديث باطل اهـ.
وهذا تعنت من أبي حاتم وتسرع إلى الحكم بالبطلان بدون موجب، إذ لا يلزم من كون الراوى مجهولا أن يكون حديثه باطلا، فقد توبع عليه، قال أبو سعيد النقاش في فوائد العراقيين:
أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسحاق الحافظ ثنى أحمد بن الخطاب بن مهران ثنا معمر بن سهل ثنا عمر بن مهران القاضى عن الوقاصى به.
فلم يبق مما يعلل به الحديث إلا هو فإنه متروك، كما فعل الحافظ الهيثمى العارف بالفن، فكان مقتضى العقل والحكمة أن الشارح ينقل كلامه ولا يزيد من عنده ما يظهر المعرفة أكثر منه فيوقع نفسه في هذه المهاوى المهلكة.
ثم إنه استدرك من المخرجين أيضًا أبو الشيخ وابن أبي الدنيا، ولم يبين اسم الكتاب المخرج فيه لهما، أما ابن أبي الدنيا فقد يدرك العارف المطلع معرفة الكتاب وهو كتاب الصمت له [ص ٣٩، رقم ١١]، وأما أبو الشيخ فلا.