فما أدرى كيف وقع للحافظ الهيثمى في هذا الإسناد ومن أين نقل الشارح عنه ما قال؟! مع كونه وهم أيضًا في قوله عبد اللَّه بن مصعب وإنما هو مصعب.
٣٥٤٧/ ٩١٥٢ - "المؤمِنُ مُكفرٌ".
(ك) عن سعد بن أبي وقاص
قال الشارح في معناه: أى مرزأ في نفسه وماله ليكفر خطاياه، ليلقى اللَّه وقد خلصت سبيكة إيمانه من خبثها.
قلت: ليس هذا معنى الحديث، بل معناه أن المؤمن لا يشكر معروفه ولا يذكر خيره، بل يكفر بذلك ولا يعترف له بالجميل، فهو كقوله تعالى:{وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ}[آل عمران: ١١٥] ففي مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا:
حدثنى عبد اللَّه بن أبي بدر أنا يزيد بن هارون أنا هشام بن زياد عن محمد بن عبد العزيز عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"رحمة اللَّه على المكفرين أنا رفيقهم يوم القيامة"، وقال:"المؤمن مكفر"، فهذا صريح في معناه الذي قلنا.
وقال ابن أبي الدنيا أيضًا بهذا الإسناد عن هشام بن زياد عن معاوية بن عاصم بن المنذر بن الزبير قال: سمعت عروة يقول: "حض رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رجلا على رجل يأتى إليه معروفًا فقال: إنى أصنعه به ولكنه يكفره، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إن رحمة اللَّه على المكفرين" هكذا وبسط يده إلى السماء، قال عروة: فما أصنع معروفًا إلا أكفره أحب إلى من أن أشكره.