وافترى هذا الإسناد أما سهى في ذكره؟ فإن قال: كذب، فقد خرق الإجماع وأتى بباطل القول الذي لا يقبله أحد، وإن نسب إليه الوهم في ذلك قيل له: قد أسقطت حفظه وثقته وألحقته بالضعفاء والمتروكين الذين لا تحل الرواية عنهم فضلا عن الاحتجاج بهم وإدخالهم في الصحيح، لأن من يهم في اسم رجلين مع ذكر صفة أحدهما ويهم في السند من أصله هو بهذه المثابة مع أننا نعلم أن المحدث ولاسيما من التابعين كانوا يوصلون تارة ويرسلون أخرى عند المذاكرة وعدم النشاط إلى ذكر الإسناد ولاسيما الحسن البصرى والزهرى وأمثالهما، فإن الواحد منهم قد يكون في المذاكرة فيورد الحديث مستدلا به ويقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فيرويه عنه من سمعه منه كذلك ثم يكون في وقت آخر بقصد الاسماع والتحديث، فيذكر الحديث بإسناده.
وقد يكون يونس بن عبيد سمعه من الحسن موصولا كما سمعه قتادة، وهو الذي أرسله للغرض المذكور أيضًا، بحيث قد يوجد عنه مرة أخرى موصولا، وكم حديث في الموطأ والصحيحين عن الزهرى والحسن وسعيد بن المسيب وأمثالهم موصولا وهو في مصنف وكيع وابن أبي شيبة والثورى وعبد الرزاق وابن المبارك والأقدمين مرسلا، بل من قرأ كتب الأقدمين لا يكاد يرى فيها حديثا مسندا إلا نادرا جدا بل الأغرب من ذلك أن الحديث في الصحيح من طريق مالك أو الثورى أو ابن المبارك أو عبد الرزاق أو وكيع موصولا، وهو بعينه في مصنفات المذكورين مرسلا، لأنهم كانوا يميلون في مصنفاتهم إلى ذكر المراسيل، لكن عند التحديث والإسماع يذكرون تلك الأحاديث موصولة مسندة.
ومع كون هذا من الضرورى الذي لا يكاد يمترى فيه محدث أو ينازع فيه منصف، تجد المتأخرين عن هذه الطبقة كأبي زرعة وأبي حاتم والبخارى والنسائى والمتأخرين عنهم كالدارقطنى وأمثاله، لا يكادون يرجحون