اشتهرت بينهم وصارت كأنها من ملابس الحضارة وسكان المدن والتجار منهم كما استوت عادتهم بذلك إلى يومنا هذا، فلم يبق فيها تشبه.
الرابع: أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يقصد التشبه ولا كان فيه تشبه لما ذكرنا، ومن ظن خلاف هذا كَفر وجَهل، هذا ما يتعلق بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، أما هؤلاء الزنادقة فنقول لهم: نعم أبحنا لكم لبس الجبة الضيقة الكمين الطويلة إلى نصف الساقين وحكمنا بأنها من السنن النبوية، والآن فالبسوا عمامة ضخمة من سبعة أذرع من الكتان الغليظ وارخو لها العذبة وطولوا لحيتكم قبضة واخضبوها بالحناء وجزوا شاربكم والبسوا الإزار والرداء أو القميص والنعلين أو السباط، ثم مع هذه الصفة البسوا الجبة الضيقة الكمين كما فعل سيد الكونين -صلى اللَّه عليه وسلم- لأن لبسها على هذه الصفة يبعد من التشبه بالكفار بُعد السماء من الأرض، وهم لعنهم اللَّه لو أعطى أحدهم ما يغنيه لما فعل هذا، ولكنه يقص شره على الطريقة الكافرة ويحلق لحيته ويلبس القميص والجكيتة والكرباطة والسروال والبوطات، ويعرى رأسه ويبقى لا يعرف أمسلم الأصل هو أم كافره، فأين السنة؟!
فهذا جوابهم القاطع لباطلهم، فإنهم إن ادعوا لبس الجبة فإنه لم يلبس الكرباطة ولم يلبس السروال ولم يحلق لحيته ولا قص شعره ولا لبس البوطات والتقاشير ولا ولا ولا. . . فليقتصروا على السنة ونحن معهم، والسلام (١).
(١) جاء ذلك ضمن مجموعة رسائل الشيخ العلمية، انظر "حياة الشيخ أحمد بن الصديق" (ص ٧٦، ٧٧).