أنه لم يره، وليس كذلك -يعني بل رآه- فقد أخرجه أبو نعيم والديلمي، فأعجب للشارح ما أبلده! ثم لعمري من جعل أبا نعيم والديلمي أشهر بين أهل الحديث من ابن منده؟! إن هذا لعجب.
قلت: ما علته عثمان الطرائفي، ولكن علته أبان بن المحبر، فإنه كذاب وضاع وشيخه سعيد بن معروف لا تقوم به حجة، أما عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي فهو وإن تكلم فيه، إلا أنه كان من علماء الحديث متماسك الحال ما يعلل به الحديث مع وجود مثل أبان بن المحبر في السند، فإن عثمان الطرائفي قال فيه ابن معين: صدوق، وكذا قال أبو حاتم: وعاب على البخاري إدخاله في الضعفاء، وقال أبو عروبة: متعبد لا بأس به، فكيف يعلل به الحديث ويترك ذكر أبان بن المحبر الكذاب الذي به أعله الحفاظ، وأوردوه في ترجمته، ومن العجيب أن الشارح ذكر ذلك في الكبير فقال ما نصه: وعثمان قال ابن نمير: كذاب، وفي الميزان في ترجمة سعيد قال الأزدي: لا تقوم به حجة، وأبان متروك، ثم ساق الخبر، وقال الكمال بن أبي شريف: الحديث منكر ساقه الأزدي في ترجمة سعيد وقال لا تقوم به حجة، ولكن الحمل فيه ليس عليه بل على أبان فإنه متروك اهـ.
فبعد كتابة هذا في الكبير يقتصر في الصغير على تعليل الحديث بالطرائفي المسكين البرئ من عهدته، فكأن العود في الاختصار خرج عليه، ثم ما نقله عن ابن نمير من أنه قال في عثمان المذكور: كذاب، قد رده عليه الحفاظ وعدوه إسرافًا وغلوًا من ابن نمير كما قال الذهبي، وهذا أيضًا من سوء تصرف الشارح وعدم معرفته بمسالك هذا الفن.