وقوله:(وخفض الجناح) هذا مثل مضروب للين الجانب، وتعطف الإنسان على من أوى إليه، وإشفاقه على من رآه بحال شدة وبؤس. وأصل ذلك أن الطائر يضع جناحيه على فراخه، ويلحفها إياهما، فضرب مثلاً التعطف، قال الله تعالى:{وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} ولهذا قالوا: فلان موطأ الأكناف. وقد يضرب الجناح أيضاً مثلاً في العون على الأمور. كما قال مسكين الدرامي:
أخاك أخاك إن من لا أخا له ... كساع إلى الهيجا بغير سلاح
وإن ابن عم المرء فاعلم جناحه ... وهل ينهض البازي بغير جناح
وقوله (العالي في ذروة المجد) المجد: الشرف. وذروته: أعلاه. وكذلك ذروة كل شيء وذروته، بالكسر والضم، والجمع ذرا، بضم الذال في اللغتين جميعاً.
وقوله (الحاوي قصب السبق): هذا مثل مضروب للتقدم والتبريز على الأكفاء في كل شيء. وأصله أنهم كانوا إذا تسابقوا إلى غاية من الغايات، وخاطروا على ذلك، وضعوا الخطر على رأس قصبة وركزوها في الغاية التي يتحارون إليها، فمن سبق إليها أخذها، فصار ذلك مثلاً لكل من غولب فغلب. والسبق بسكون الباء: المصدر. والسبق بفتح الباء: الخطر بعينه. قال رؤبة:
لوحها من بعد بدن وسنق ... تضميرك السابق يطوى للسبق