أحدهما: أن يكون معناه: لاتكن مراً فتصير بالعقوة لمرارتك، فيكون من باب أفعل الشيء إذا صار كذلك، أو أصابه ذلك. وقد ذكره ابن قتيبة.
والثاني: أن يكون من باب اجتزائهم يذكر السبب عن ذكر المسبب لأن المرارة هي سبب الطرح. فاكتفى بذكرها عن ذكر الطرح، فيكون كقول الشاعر، وهو جزء بن ضرار أخو الشماخ:
وأنبئت قومي أحدث الدهر فيهم ... وعهدهم بالحادثات قريب
فإن ي حقاً ما أتاني فإنهم ... كرام إذا ما النائبات تنوب
ولم يرد أنهم كرام في هذه الحال دون غيرها. وإنما المعنى، فسيصبرون لكرمهم فاكتفى بذكر الكرم الذي هو سبب الصبر، عن ذكر المسبب عنه، الذي هو الصبر.
وأنا أحسب قولهم: أعقى الشيء: إذا اشتدت مرارته راجعاً إلى هذا المعنى، لأن شدة مرارته سبب لأن يطرح بالعقوة. وكلام العرب أكثره مجاز وإشارة إلى المعاني. لذلك غمض كثير منه على من لم يتمهر فيه.
ويجوز أن يكون مشتقاً من العقى: وهو ما يخرج من بطن المولود. فيكون معنى تعقى على هذا تستقذر، فتصير كالعقى فافهم.