والذي أراده ابن قتيبة من هذه المعاني الثلاثة ههنا، معنى التحقير والتقليل لأن احتقر ما جاءوا به ولم يره شيئاً. ألا تراه قد قال مع هذين كثير، فجعله كله هذيان. وهذا ظريف جداً. لأنا لا نعلم خلافاً بين المتقدمين والمتأخرين من أصحاب الكلام، أن الجوهري يقوم بنفسه، والعرض لا يقوم بنفسه وكذلك رأس الخط النقط، والنقطة لا تنقسم، كلام صحيح لا مطعن فيه وهذا يدل على أنه كان غير بصير بهذه الصناعة، لأنه عابهم بما هو صحيح، وإن كان ينبغي أن يذكر مذاهبهم المخالفة للحق، المجانية للصدق، كما فعل المتكلمون من أهل ملتنا رحمهم الله.
وقد روى أن الذي دعاه إلى الطعن عليهم في كتابه هذا، أنه كان متهماً بالميل إلى مذاهبهم واعتقادهم. فأراد- رحمه الله- أن ينفي الظنة عن نفسه XXX والطعن عليهم.
والكلام في الجوهر على حقيقته وفي العرض فيه غموض. وأقرب ما يمثل به للمبتدئ بالنظر، أن يقال: الجوهر: هو الجسم، كالإنسان والفرس والحجر ونحو ذلك. وأعراضه: أحواله وصفاته المتعاقبة عليه كالألوان: من بياض وسواد وحمرة وصفرة، والحركات المختلفات من قيام وقعود واضطجاع وجميع ما عدا الجوهر، فاسم العرص واقع عليهم. وإنما مثلنا الجوهر بالجسم دون غيره مما يقع عليه اسم الجوهر، لأن الذين أثبتوا جواهر ليست بأجسام كالعقل والنفس والهيولي والصورة والأبعاد المتجرة من المادة. والنقطة