(قال المفسر) عول ابن قتيبة في القلب على مذهب أهل اللغة فسمى جميع ما ضمنه هذا الباب مقلوباً كما فعل في باب المبدل، وليس جميع ما ذكره مقلوباً عند أهل التصريف من النحويين، وإنما يسمى مقلوباً عندهم ما انقلب تفعيله بانقلاب نظم صيغته، كقولهم في (أشياء) إنها لفعاء، مقلوبة من شيئاء، وفي (سأى) إنه مقلوب من (ساء). أما مالا ينقلب تفعيله بانقلاب نظم صيغته، فإنهم لا يسمونه مقلوباً، وإن كانت حروفه قد تغير نظمها، كتغيير نظم المقلوب. كقولنا رقب وربق وقرب وقبر وبقر بورقن ونحو هذا مما سماه أبو بكر الزبيدي مقلوباً في كتاب العين.
فكل واحد من هذه الألفاظ يقال إن وزنه فعل، وليس بعضها أولى بأن يكون أصلاً في بابه من بعض. وكما أن المبدل والمزيد لهما مقاييس يعرفان بها، ومواضع يستعملان فيها، لا يتعديانها إلى غيرها، فكذلك المقلوب.
ولولا أن التشاغل بهذا الشأن يخرج كتابنا عن أن يكون كتاب لغة على أن يكون كتاب تصريف، لتكلمنا على كل كلمة تضمنها هذا الباب، وذرنا وجه القياس فيها، ولنا نذكر جملة من ذلك تنبه قارئها على بقية هذا الباب إن شاء الله.
فمن مقاييس هذا الباب، أن يوجد لأحد اللفظين مادة مستعملة ولا توجد للآخر، فتحكم للذي له المادة المستعملة بأنه الأصل، كقولهم: ما أطيبه، وما أيطبه، لأنا نجد لأطيب مادة مستعملة مصرفة، وهي طاب