يطيب طيبا فهو طيب ولا نجد لأيطب مادة مصرفة، فنقضي على أطيب أنه الأصل، وأيطب مقلوب فيه، وكذلك قول الشاعر:
حتى استفأنا نساء الحي ضاحية ... وأصبح المرء عمرو مثبتاً كاعي
فإنا نزعم أن كاعياً مقلوب من كائع، لأنا وجدنا لكائع مادة مستعملة ولم نجد كعا مستعملاً إلا في هذا البيت، وهذا على مذهب يعقوب لأنه جعل هذا من المقلوب، وقد يجوز أن يكون من قولهم: كع يكع ويكون أصله كاعا بالتشديد، فأبدل من أحد المثلين ياء كما قال الآخر:
نزور امرءاً أما الإله فيتقى ... وأما بفعل الصالحين فيأتمي
أراد يأتمن وكذلك قولهم رأى وراء، وجدناهم يقولون: رأى يرى رؤية، ولم نجد لراء تصرفا في مستقبل ولا في مصدر، ولا غير ذلك مما يتصرف فيها في رأي، من أمر نهي واسم فاعل واسم مفعول.
وبهذا الدليل قضينا على (أيس) بأنه مقلوب من (يئس).
ومن ذلك قولهم: أنى الشيء يأنى، وآن يئين. زعم الأصمعي أن أنى له مصدر وهو إني على وزن رضا، ولا مصدر لآن، فينبغي على قوله أن يكون آن هو المقلوب عن أنى.
وحكى أبو زيد (آن) يئين أيناً. فعلى قول أبي زيد لا يجب أن يكون واحد منهما مقلوباً عن الآخر، ويجب على قوله أن يكون (آن) من ذوات الياء.
ومنها أن يوجد صيغة الجمع مخالفة لصيغة واحده، أعني أن يكون نظم حروفه الأصلية مختلفاً في الموضعين بالتقديم والتأخير نحو شيء وأشياء، لأنك تجد الهمزة في شيء آخراً: وتجدها في أشياء أولاً.