المحمل، ولهذا نظائر كثيرة في كلامهم، فكذلك حملوا بعض هذه الحروف على بعض، لتساوي المعاني وتداخلها. فمن ذلك قوله تعالى:(أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم)، وأنت لا تقول رفث إلى المرأة، إنما تقول: رفث بها، أو رفث معها، ولكن لما كان الرفث بمعنى الإفضاء، وكان الإفضاء يتعدى بإلى، كقولك: أفضى إلى الشيء، أجرى الرفث مجراها لفظا، لموافقته له معنى، وكذلك قول القحيف العقيلي.
إذا رضيت على بنو قشير ... لعمرو الله أعجبني رضاها
إنما عدى فيه رضي بعلى، لأنا الرضا بمعنى الإقبال. وقولك أقبلت عليه بودي، بمعنى رضيت عنه. وكان الكسائي يقول: حمله على ضده، وهو سخطت، لأن العرب قد تحمل الشيء على ضده، كما تجعله على نظيره، وكذلك قول الآخر:
إذا ما امرؤ ولى على بوده ... وأدبر لم يصدر بإدباره ودى
إنما عدى فيه (ولى) بعلى، وكان القياس أن يعديها بعن، لأنه إذا ولى عنه بوده، فقد ضن عليه وبخل، فأجرى التولي بالود، مجرى الضنانة والبخل، أو مجرى السخط، لأن توليه عنه بوده، لا يكون إلا عن سخط عليه، وكذلك قول عنترة: