(اعلم)، أن الفعل إذا كان بمعنى فعل آخر، وكان أحدهما يتعدى بحرف جر، والثاني بحرف جر آخر، فإن العرب قد تتسع، فتوقع أحد الحرفين موقع صاحبه مجازا، وإيذاناً بأن هذا الفعل في معنى ذلك الآخر. كما صححوا عور وحول، إيذاناً بأنهما لما كانا في معنى أعور واحول واجتوروا بمعنى تجاوروا. وكما جاءوا بمصادر بعض الأفعال، على غير ما يقتضيه القياس، حملاً لذلك الفعل على فعل هو في معناه كقوله:
وإن شئتم تعاوذنا عاوذا
وكان القياس تعاوذا، فجاء به على عاوذ، إذ كان تعاوذ راجعاً إلى معنى عاوذ؛ وكذلك قول القطامي:
(وليس بأن تتبعه اتباعاً)
والقياس تتبعاً، ولكن لما كان تتبع يؤول إلى معنى اتبع، حمل عليه وكذلك وجدنهم يحملون الشيء على الشيء إذا كانت بينهما علاقة لفظية، أو معنوية فاللفظية كحملهم (تعد، وتعد، وأعد) على (يعد) في حذف الواو، ونكرم، وتكرم ويكرم، على (أكرم) في حذف الهمزة، وأما المعنوية فكقول أبي كبير الهذلي:
ما إن يمس الأرض إلا منكب ... منه وحرف الساق طي المحمل
لأن قوله: ما إن يمس الأرض إلا منكب منه وحرف الساق، يفيد أنه طاوٍ، فأنابه لذلك مناب الفعل، لو ذكره، فصار كقوله: طوى طي