(قال المفسر): جاز وقوع اللام موقع (إلى)، ووقوع (إلى) موقع اللام، لما بين معنييهما من التداخل والتضارع. ألا ترى أن اللام لا يخلو من أن تكون بمعنى الملك، أو الاستحقاق، أو التخصيص، أو العلة والسبب. وإلى للانتهاء والغاية. وكل مملوك فغايته أن يلحق بمالكه، وكل مستحق فغايته أن يلحق بمستحقه، وكل مختص فغايته أن يلحق بمختصه، وكل معلول فغايته أن يلحق بعلته، فكلها، يوجد فيها معنى (إلى)، وموضوعها الذي وضعت له.
[١٧] مسألة:
وقال في هذا الباب:"يقال اركب على اسم الله: أي باسم الله. ويقال: عنف عليه، وبه، وخرق عليه، وبه" إلى آخر الفصل.
(قال المفسر) قد ذكرنا (على) فيما تقدم، وقلنا إنها موضوعة لمعنى العلو: حقيقة أو مجازاً، حسا أو عقلاً، وإنما جاز استعمالها ههنا بمعنى الباء، لأن (الباء) و (على)، تقعان جميعاً موقع الحال ويشتركان في ذلك، فيقال: جاء زيد بثيابه، وجاءني زيد وعليه ثيابه، فيكون المعنى واحداً، وقد يكون لقوله: جاء زيد بثيابه، معنى آخر وهو أن يراد أن جاء بها، غير لا بس لها. فهذا غير ما نحن بسبيله.
والفرق بين المسألتين أن الباء تتعلق في هذا الوجه الآخر بالفعل الظاهر، وفي الوجه الأول، تتعلق بمحذوف، لأن كل حرف جر، وقع موقع حال أو صفة أو خبر، فإنه يتعلق أبداً بمحذوف، وذلك المحذوف هو ما ناب الحرف منابه، ووقع موقعه، ولأجل هذا لم يجب أن يكون