ويروى أن رجلاً من المتقعرين مرضت أمه، فأمرته أن يصير إلى المسجد، ويسأل الناس الدعاء لها، فكتب في حيطان المسجد صين وأعين رجل دعا لامرأة مقسئنة عليلة، بليت بأكل هذا الطرموق الخبيث، أن يمن الله عليها بالاطرغشاش والابرغشاش. فما قرأ أحد الكتاب إلا لعنه وأمه. يريد بقوله: صين وأعين: صانه الله وأعانه، على معنى الدعاء. والمقسئنة: المتناهية في الهرم والشنج. يقال اقسأن العود إذا اشتد وصلب وذهبت عنه الرطوبة واللين والطرموق: الطفل فإذا قلت الطمروق، بتقديم الميم على الراء: هو الخفاش. ويقال: اطرغش الرجل من من مرضه وابرغش، وتقشقش: إذا أفاق وبرأ. وكان يقال {قُلْ هُو اللهُ أَحَد} و {قٌلْ يَا أَيُّها الكَافِرُون} المقشقشتان. يراد أنهما تبرئان حافظهما من النفاق والكفر، قال الشاعر:
أعيذك بالمقشقشتين مما ... أحاذره ومن شر العيون
وكان أبو علقمة النحوي ممن ينحو نحو عيسى بن عمر في التقعر. وكان يعتريه هيجان مراراً في بعض الأوقات. فهاج به في بعض الطريق فسقط إلى الأرض مغشياً عليه. فاجتمع الناس حوله، وظنوه مجنوناً. فجعلوا يقرءون في أذنه، ويعضون على إبهامه. فلما ذهب ما كان به، فتح عينيه، فنظر إلى