للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بغير عمد بجميع مجراتها تحتاج إلى علم واسع محيط يُدبرها ويصرفها .. والرزق الذي ينزل من السماء يحتاج أيضاً إلى ذلك العلم الواسع المحيط، فالمطر ينزل على الأرض بِقَدَرٍ معلوم ويحفظ فيها بقدر معلوم، والرياح تُسيّرهُ إلى بقاع الأرض المختلفة بقدر معلوم .. ويجتمع هذا النوع من الرزق وغيره كثير في هذه الأرض بقدر معلوم.

وكل هذه الدلائل تدل على أن الله هو الإِله المتصف بجميع صفات الكمال لا يستحق العبادة إلّا هو ولذلك استنكر القرآن على الكفار إعراضهم عن هذه الدلائل البينات كما قال تعالى:

{قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٩) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (١٠) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (١١) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} (١).

وهنا تظهر آثار التقدير والتدبير في الدلالة على صفات الله العليم الحكيم ومثل هذه الآيات قوله تعالى:

{وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ} (٢).

وقوله سبحانه: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} (٣).

والخَلْق بعد ذلك الذي قدّر الله له أن يعيش على هذه الأرض يعيش


(١) سورة فصلت: آية ١٠.
(٢) سورة المؤمنون: آية ١٨.
(٣) سورة الحجر: آية ٢١.

<<  <   >  >>